أقول لكم
تذكرت زايد الخير، رحمه الله، في مواقف عدة، وقفزت أمام مخيلتي صوره الكثيرة وهو يزرع نخلة، واسترجعت عمراً وأنا أقرأ خبر حصول دولة الإمارات على أول شهادة تمنحها موسوعة «غينيس» لدولة في مسابقة غير معهودة، فهذه الأرض استحقت المركز الأول عالمياً في عدد نخيلها الذي وصل إلى 40 مليون نخلة، ومرت الصورة الأهم أمامي، زايد يحفر الأرض بيديه، ويغرس نخلة صغيرة، ويسوي التراب، بحنان وكأنه يخاف أن يجرح ما تطاله يداه، ثم يرويها وقد افترش الأرض، ومر صوته الأبوي مرات على سمعي وهو يصحح لنا معلوماتنا حول أنواع النخيل ومسمياتها والأماكن التي اشتهرت بها، حتى توقفنا عن نشر أي تعليق عن هذه الشجرة قبل أن يُقرأ عليه ويراجع كل صغيرة وكبيرة، وهو رئيس الدولة والحاكم، المسؤول والمشغول، والحريص دوماً على رفض الواقع الذي أرادوا لنا أن نعيشه، بعزيمة وإصرار وحب، وهو ما انعكس على كل الناس، كلنا أصبح يحب الزراعة، ويعشق النخلة، من حب زايد، المواطن العربي والأجنبي الموجود على هذه الأرض يزرع كل بقعة يجدها أمام بيته أو داخله، وكم كان حظه سيئاً من يعتدي على النخلة أو لا يهتم بها، والشواهد كثيرة.
وأعود بالذكريات إلى مختبرات النخيل ومزارعها التجريبية التي أشرف عليها شخصياً صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وقد زرت بعضها في مدينة العين قبل 20 سنة تقريباً، وشاهدت كيف يكون الاهتمام بالأنواع النادرة، وتلك الأصناف التي ما كانت تزرع عندنا، وكيف انتقلت بعد ذلك إلى المزارع الجديدة التي شكلت غابات للنخيل تستخدم لاحقاً في أكبر عملية انتشار لها يشهدها العالم، وقد جاء العالم اليوم ليؤكد أن الجهود المختلفة قد آتت ثمارها، وأن الخير الذي أدارته الأيادي الكريمة قد عم كل الأرض، ووصل صيته إلى كل البقاع، ويكفينا أن نرى اليوم النخلة تقف باسقة حول أي مشروع جديد، تزين المكان أولاً، ثم يقام المشروع أياً كان نوعه أو الغرض منه، فقد زرع زايد، يرحمه الله، حب النخلة في قلوب الجميع، وقد نال زايد التقدير الدولي يوم أمس، جزاه الله عنا كل خير.