أقول لكم
ديمقراطية الكويت هي القدوة، هذا شيء نعترف به جميعاً، كل أهل الخليج بل إن كثيراً من الدول العربية لم تحظَ بديمقراطية مثل ديمقراطية الكويت، وهذا ما يحسب للراحل عبدالله السالم الصباح، فقد كان سابقاً لعصره عندما أسس لشراكة متقدمة بهذا الشكل في بداية ستينات القرن السابق، ولكننا اليوم نقف عند التجربة الكويتية متسائلين، هل هي قدوة حسنة أم سيئة؟ وأقول لكم، مهما كانت إجابتنا ستكون «لكن» حاضرة، فالمؤيد لهذه التجربة الرائدة سيقف كثيراً عند الحال الذي وصلت إليه الكويت بسبب الاستخدام المفرط لنصوص جامدة جعلت الحياة الكويتية شبه متوقفة، ليس سياسياً فقط، بل تطوراً وتنمية وخدمة للمواطنين، فصراع «تكسير» المبادئ والثوابت بات هو الغالب، وتحولت كلمة النواب إلى سلاح ترتد طلقاته إلى صدور الناس، وأما المعارض للديمقراطية فهو قبل أن يبدأ في التفكير بأي إجراء ليدعم التطور سيقول «إذا كانت الديمقراطية مثل ما هو حاصل في الكويت ما نريدها»، هكذا، وبكل بساطة تحولت التجربة الأولى إلى قدوة سيئة، ونحن هنا لا نستشهد فقط برأي المسؤولين المعارضين للديمقراطية في دول الخليج الأخرى بشكلها الصحيح، بل أيضاً نتحدث عن شريحة كبيرة من أبناء هذه الدول، وهي شريحة غالبة في بعضها، فلا أحد يريد أن تتعطل عجلة البناء والتنمية بناءً على أهواء مجموعة من الأشخاص الباحثين عن بطولات وهمية، ولا أحد يريد أن تتعدد عنده الآراء وتتصادم إلى الدرجة التي تجعل مصالح الوطن أسيرة المواقف الشخصية وعمليات الابتزاز الفئوي، فالذي يحدث في الكويت منذ عام تقريباً لا يمكن أن ينظر إليه على أنه يصبّ في المصلحة العامة، خصوصاً أن التلويح بحق الاستجواب يصدر عن النواب في كثير من الأحيان قبل أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، ولهذا نجد المؤيد للديمقراطية غير قادر على تأييد التجربة الكويتية، أما المعارض للشراكة في صنع القرار فهو يجعل من تلك التجربة بعبعاً يشير إليه في كل خطوة تتخذ نحو تفعيلها.