جائزة حجازي وغلطة الشاطر
ربما تكون هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن فوز الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي بجائزة بحجم جائزة «ملتقى القاهرة الدولي الثاني للشعر- دورة خليل مطران» الذي نظمته وزارة الثقافة المصرية، من دون اي شاعر منافس. حيث لم تعلن لجنة التحكيم في حيثيات الإعلان عن الجائزة عن اسم اي منافس لحجازي. وعلى الأغلب؛ هي المرة الأولى في تاريخ الملتقيات والجوائز ان يفوز الشاعر ذاته الذي يرأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر والداعي الاساسي للضيوف، وربما للجان التحكيم بالجائزة.
إلى هذا الدرك وصلت حمى الفوز بالجوائز عند الشعراء العرب، وإلى هذا المستوى وصلت رغبة الجب والحذف عند بعض الشعراء العرب لاقرانهم من الشعراء؛ بهدف الحصول على الجائزة، بغض النظر عن الخدعة البصرية التي يقوم بها هؤلاء الشعراء، بهدف القبض على الجائزة الطائرة من بين ايديهم.
والغريب ان شاعراً مثل ادونيس اعتذر عن الدعوة التي وجهت له للمشاركة بالملتقى، على الرغم من وجوده في ندوة في مكتبة الاسكندرية، أو انها كانت هي الحجة المناسبة لاعتذار ادونيس. والغريب ايضاً ان يعتذر الشاعر سعدي يوسف عن المشاركة في الملتقى بحجة ان وضعه الصحي لا يسمح له بذلك. ان اعتذار ادونيس ويوسف عن المشاركة بالملتقى هو دليل خبرة في اشتمام رائحة الفوز التي بدت واضحة عربياً من خلال ان الشاعر حجازي ينوي اساساً ان يشكل الملتقى وحضوره ولجنة التحكيم فيه بما يتناسب مع رغبته في الفوز. تلك الرغبة التي حرمها منه الشاعر درويش حين فاز بالجائزة في دورة الملتقى الأولى. والشاعر حجازي الذي اطلق على قصيدة النثر مصطلحه العدواني «القصيدة الخرساء» كان حريصاً ـ وهو يعد لهذا الملتقى الشعري الكبير ـ ان يهمش في رقاع الدعوة للملتقى دعوة شعراء من شعراء قصيدة النثر عربياً وعالمياً. وكان من الطبيعي ازاء هذه العدوانية المبيتة لقصيدة لشعراء قصيدة النثر واستبعادها عن فعاليات الملتقى وجائزته، ان ينظم شعراء مصريون، وأغلبهم من شعراء قصيدة النثر، في توقيت تنظيم الملتقى «الملتقى الأول لقصيدة النثر»، بمشاركة 50 شاعراً عربياً ومصرياً في نقابة الصحافيين المصريين، وبإمكانات متواضعة. ان حكة جرب الجوائز التي بدأت تصيب جلد المبدع العربي في السنوات الأخيرة بدأت تكشف عن طبيعة عدوانية كامنة في روح المبدع العربي، وتتستر بكتابته وبإبداعاته، بحيث صرنا نسمع عن ضغائن ونميمة عدوانية تندلق في الصحف والمجلات الثقافية من الشعراء انفسهم كلما تم منح جائزة لهذا الشاعر أو ذاك. ولعل حكة الجوائز هي التي بدأت في السنوات الأخيرة تلقي بظلها الزئبقي الثقيل على الشعر، والعمل على «سلعنته»، واخضاعه لمتطلبات العلاقات العامة في تسويق الشعراء في المهرجانات والملتقيات في معظم العواصم العربية، بحيث إنك ما ان تدخل اي مهرجان شعري حتى ترى حلقات الحضور المكتظة في «لوبي» الفندق تتشكل بنوع من الشللية التي يتم الاستفادة منها لاحقاً في المهرجان التالي أو الذي يليه.
ما كان على شاعر ريادي مثل أحمد عبدالمعطي حجازي أن يوقع كل هذا الانفصام في خريطة الشعر المصري. وما كان عليه ان يأخذ جائزة هو منظمها وصاحب الدعوة إليها. لكنها غلطة الشاطر التي سرعان ما تتحول الى ظاهرة يصعب تقبلها أو التعامل معها.