أقول لكم
القدس لن تقلع من فلسطين، لا يستطيع إيهود أولمرت أن يأخذها معه وهو يغادر مبنى مجلس الوزراء الإسرائيلي، فهو قد يدخل السجن لأنه فاسد الذمة، ولن يُسمح له بأن يقدمها هدية لبنيامين نتنياهو يوم تنصيبه رئيساً لحكومة اليمين الصهيوني المتطرف، وهي، أي القدس، شوكة في حلق كل أصحاب الأحلام التي قامت عليها فكرة الوطن الدائم ليهود العالم، وهي شوكة لا تنكسر أبداً، ولا يمكن أن تقتلع من الخاصرة الإجرامية، هي تدمي من يمسكها ومن يرغب في امتلاكها، وهي تنزف دماً لتغسل عن أرضها النجاسة وما خلفته جيف المعتدين، ولا تبكي، القدس لا تبكي، بل يُبكى عليها، والعاجزون يبكون، والضعاف يبكون، ومن لا حول ولا قوة لهم يبكون، والقدس لاتبكي، تستوعب جروحها، تهدي شهداءها، تزفّ إلى السجون خيرة شبابها، وتطلق في عنان السماء زغاريد نسائها، ولا تذرف الدمع، ولكنها تسقط حمماً من نار على رؤوس أعدائها، وإن جلسوا على عرشها 40 عاماً، فقد جلس غيرهم من قبل مئات السنين، وبقيت القدس عاصمة الوجدان الإسلامي، وقبلة النضال العربي، وخرج منها الجيش الصليبي بملوكه المزورين، وسيخرج منها كل مرتزق صهيوني بقادته المخادعين، فهذه أرض مباركة، هي وما حولها، ليس بيتها فقط، وهي لا تنقسم إلى شرائح يمكن أن توزع، هي لا تقبل القسمة، ولا تتنازل عن ذرات ترابها، هي تقول لهم ذلك، وليس نحن، فإن كانوا لا يريدونها عاصمة للثقافة العربية لن تكون، لعام واحد فقط هي لا تقبل، لأنها كانت ولاتزال عاصمة العواصم، وسيدة الثقافات، ومجددة المجد الذي يضيء نوره عند عتباتها كل ما خبا في صدور التابعين وتابعيهم إلى يوم الدين.
سيذهب أولمرت، وتبقى القدس، وسيذهب نتنياهو وتبقى القدس، تماماً كما ذهب من الأشرار من ذهب، وكما رحل من الأخيار من رحل، ولكن شيئاً واحداً لا يمكن أن يتبدل، وهو أن القدس لن تقتلع من فلسطين، والقلوب التي تهفو إليها لن تتجه إلا إلى هناك، إلى أرض فلسطين، حيث القدس، وفي القدس ياسادة يقع المسجد الأقصى المبارك والأيام تخبرنا من الذي يمكن أن يقتلع الآخر.