عدم ذكر الأسماء.. تستّر على جريمة!!

لا مبرر أبداً لعدم ذكر أسماء المحال المتخصصة في بيع المواد الغذائية، والمطاعم، التي يثبت بالدليل القاطع والموثق من أقسام الصحة العامة في بلديات الدولة بيعها، أو استخدامها، مواد غذائية أو لحوماً غير صالحة للاستخدام الآدمي.

لا أعتقد أن ذكر الاسم هنا يندرج تحت بند التشهير، بل عدم ذكر الاسم يمكن اعتباره تستراً على جريمة، فما يقوم به هؤلاء هو فعلاً جريمة واضحة ومكتملة الأركان، موجهة إلى صحة البشر، وصحة أفراد المجتمع هي خط أحمر يجب عدم الاقتراب منه، والتستر على الأسماء لا يتناسب أبداً مع حجم الفعل.

تُرى ما الفرق بين المجرم الذي يقتل نفساً مع سبق الإصرار والترصد، وبين من يبيع الغذاء الفاسد، وهو يعلم تمام العلم أنه قد يؤدي إلى مرض، أو وفاة عدد كبير من الناس؟! وأيهما أكثر ضرراً من يعتدي بالضرب على شخص واحد في الطريق لأي سبب من الأسباب، أو من يعتدي على صحة المئات من البشر؟! وأيهما أكثر خطورةً من يتعاطى المخدرات ويضر بنفسه، أم من يروج لأغذية فاسدة فيضر بها عدداً غير محدود من فئات المجتمع المختلفة، الصغير قبل الكبير، والمريض قبل المتعافي؟!

دائماً هو الخوف من كلمة «التشهير»، التي تحتاج إلى لائحة تفسيرية توزع على كثير من المؤسسات والدوائر والوزارات وحتى شركات القطاع الخاص، لأنه تحت هذا الوهم يختفي كثير من الحقائق، ويتضرر كثير من الناس، ويستقوي الكثيرون، ويبقى الخطأ، ويحظى المخطئ بأقل حظ من العقوبة!

لا تشهير في ذكر اسم مؤسسة تجارية أثبتت عليها أقسام الصحة العامة في بلدية من البلديات بيعها مواد غذائية ضارة، ولا تشهير في ذكر أسماء علامات تجارية أثبتت التحاليل المخبرية ضررها على الصحة العامة، ولا جدوى أبداً من ذكر الأحرف الأولى لمحل بيع لحوم هو الأكبر من نوعه، ثبت أنه يبيع اللحم الفاسد، ولا تتناسب أبداً الغرامة المالية المقدرة بـ300 ألف درهم، وإغلاق لمدة شهر واحد، مع حجم الجرم الذي يتلاعب ويستخف بصحة وسلامة الناس، لدرجة بيعهم لحوماً لا تصلح للاستهلاك الآدمي!

عدم لجوء الجهات الرسمية وأخص بالذكر البلديات، إلى ذكر أسماء المحال التجارية المتورطة، يعني بالضرورة التشكيك في جاهزية وكفاءة أقسام الصحة العامة التابعة لها، بمعنى أن البلديات غير متأكدة من صحة المعلومات، والنتائج الصادرة من مختبراتها، وإلا لما تهيبت أبداً من ذكر الاسم، كما أن عدم وجود اسم المحل يقلل من قيمة الخبر، ويعطي الفرصة لإطلاق الشائعات وتوريط أسماء أخرى لا علاقة لها بما يحدث، إذاً فلاداعي، ولا حاجة إلى الخبر من أساسه!

التضحية باسم تجاري لا شك أنها لا تعادل أبداً التضحية بصحة وسلامة فرد واحد من أفراد المجتمع، والتستر على الأسماء المتورطة في قضايا تضر بالصحة العامة، لا مبرر له على الإطلاق، ومن جهتنا لن نتحفظ على اسم سعى إلى تدمير الصحة العامة، حتى وإن اتهمنا بالتشهير، أو أية تهمة أخرى من تلك التهم التي يحفظها ويرددها الكثيرون، ويشهرونها فوراً عند أول خبر سلبي من وجهة نظرهم، ولا يهم إن كان إيجابياً للمجتمع بأسره!

 

reyami@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة