لا تنقص العرب مشكلة «جزر»!

سامي الريامي

لا يمكن إيجاد تفسير لمحاولة فرنسا السيطرة على جزيرة صغيرة تتبع لبلد فقير يقع في إفريقيا، وتفصله عنها مسافات طويلة جداً. ما الإضافة التي يمكن أن تضيفها جزيرة «مايوت» القمرية إلى دولة عظمى بحجم فرنسا التي تضم من المساحات الشاسعة، والجزر الجميلة والكثيرة، ما يعادل أضعاف أضعاف جمهورية القمر!

وكأن مشكلات العرب تنقصها اليوم إضافة مشكلة جديدة من نوع «احتلال جزر»! ألا يكفي جدول الأعمال الحافل الذي مر على القادة العرب في اجتماعات الدورة الحادية والعشرين لمجلس الجامعة على مستوى القمة التي اختتمت أعمالها ليل أمس في الدوحة؟

فبعد يوم عاصف ومثير، انتهى الترقب العربي لقمة الدوحة، وعاد بعض من الروح العربية، والأجواء الإيجابية، بعد أن كانت ملامح الفرقة والخلاف قد بدأت في التشكّل، إلا أن علو صوت العقل والحكمة، والإحساس بالمسؤولية، أوصل الجميع إلى مرحلة السكون والهدوء والرغبة الشديدة في تجاوز الماضي.

أكد العرب في جلستهم الختامية أمس حرصهم الكامل على وحدة جزر القمر وسلامة أراضيها، وأكدوا هوية جزيرة «مايوت» القمرية ورفض الاحتلال الفرنسي لها!

يبقى الاحتلال احتلالاً، حتى لو كانت المساحة المحتلة شبراً واحداً، ويبقى المحتل محتلاً حتى لو سيطر على شبر واحد من أرض الغير بالقوة وباستغلال النفوذ والسيطرة، ولا فرق بين احتلال دولة بأسرها، واحتلال جزيرة صغيرة، ولا منطق لاستمرار عمليات الاحتلال في هذا الزمن «المتحضر»، الذي يغلب عليه انتشار المبادئ والقيم، وحقوق البشر.

لا مبرر إطلاقاً للاحتلال، والتعنت والعنجهية، ولا قانون يعطي الحق لدولة كبيرة في التصرف بفوقية، ونهش أراضي الدول الصغيرة، ولا تستطيع موازين القوة الحالية، تغيير سنوات التاريخ التي تثبت الحقوق، فالقوة متغيرة، والأحداث تتغير، لكن التاريخ والجغرافيا ثابتان لا يتغيران!

القمة العربية آزرت جمهورية القمر، كما آزرت الإمارات في قضية احتلال إيران جزرها الثلاث، حيث أعرب البيان الختامي عن أمله أن تتجاوب إيران مع مبادرة دولة الإمارات، والمساعي العربية، لإيجاد حل لقضية الجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى»، من خلال المفاوضات الجادة والمباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

التشدد والتعنت ليس في مصلحة أحد، وكما قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد أمس: «وجود هذه القضية التي تعكر الأجواء ليس من مصلحتنا ولا من مصلحة إيران».

نحن دولة تريد السلام، وقادتنا هم رسل سلام ومحبة لكل أطراف العالم، ووجود محتل يمارس سياسة فرض القوة، ويرفض دعوات السلام، لا شك أنه أمر مقلق.

تتمسك إيران بمبدأ فرض الأمر الواقع، ونتمسك نحن بحقنا في استعادة جزرنا، ونأمل أن يأتي اليوم الذي تقتنع فيه طهران بأن «حق الإمارات لا يوجد عليه أي علامة استفهام، لا من جانبنا ولا من جانب المجتمع الدولي»، كما نأمل أن تدرك إيران أن مصالحها مع العرب بشكل عام أهم بكثير من احتلال ثلاث جزر صغيرة، لا تضيف شيئاً إلى الجمهورية المترامية الأطراف، وليست لها أهمية استراتيجية كما يرون، للسيطرة على مضيق هرمز، في عصر الصواريخ الطويلة والمتوسطة والقصيرة المدى، لكنها تثير الريبة وعدم الطمأنينة تجاه الفكر والنوايا الإيرانية.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر