أقول لكم
ضجة كبرى أثيرت في العالم كله حول إطلاق صاروخ كوري شمالي، وتأهبت جيوش، وتحركت أساطيل، ورصدت أقمار اصطناعية الأجواء، وصورت منصة الإطلاق ومراحله. وفي اليوم التالي، أطلقت إسرائيل صاروخاً «جديداً» فصفق لها الجميع مهنئاً «ومباركاً»، وبعد كل هذه الشواهد يقال إن الغرب لا يكيل بمكيالين!
يأسف وزير خارجية بريطانيا العظمى، ويعرب عن انزعاجه من قرار الحكومة الإسرائيلية هدم بيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، وأميركا لم تسمع بذلك الخبر، لأنها لم تأسف حتى الآن! وهذا أيضاً «ليس كيلاً» بمكيالين!
في دارفور، استندت الأمم المتحدة إلى أقوال الشهود وروايات منظمات الإغاثة وقررت أن جرائم ضد الإنسانية وقعت هناك، وأن رئيس الجمهورية يجب أن يحاكم. أما في غزة، فقد شهد العالم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وقدمت الوثائق والأدلة الحية على الهواء مباشرة، وذهبت الوفود واستنكرت، واطلع الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء الكونغرس الأميركي على عمليات قصف المدنيين والمؤسسات الدولية والمدارس. وبعد كل ذلك، ترسل لجنة للتحقيق في الجرائم التى ارتكبها المعتدي والمعتدى عليه، وهذا ليس كيلاً بمكيالين!
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد يقبل بالنظر في اتهام بعض ضباط الجيش الإسرائيلي بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة، لكنه لن يوجه اتهاماً إلى الحكومة الإسرائيلية برئيسها ووزير دفاعها ورئيس أركانها، فهم لم يكونوا في ساحة المعركة التي تبعد عنهم بضعة كيلو مترات، أما عمر البشير فهو المسؤول عن كل ما حدث على مسافة ألف كيلومتر منه ، وهنا القرارات ليست خاضعة للكيل بمكيالين!
ويقال إن المكيالين مثل الكفتين في الميزان، فمن يكيل لهذا شيئاً بمكيال معلوم الحجم، ثم كال للآخر بمكيال أقل منه حجماً أو أكبر كانت شبهة التمييز وعدم المساواة هي الحكم على تصرفاته، والميزان إن لم تتساو كفتاه مالت العدالة، وعدالة الغرب معنا مائلة منذ عشرات السنين، ولا يمكن أن توزن الأمور عندهم بميزان متساوي الكفتين، أو أن يكيلوا لنا ولأولئك الصهاينة بمكيال واحد!