سينما عن السينما

قيس الزبيدي

شاركت في أفلام مهرجان الخليج السينمائي الثاني«7» أفلام روائية قصيرة، عُرضت في برامج عدة، وهي ذات موضوعات عن السينما أو عن سينما في السينما، وربما كان من المناسب إدراجها في برنامج واحد، يلفت الانتباه إلى حيوية موضوعها وتنويعاته. وقد سبق للسينما العالمية أن تناولت موضوع سينما في السينما في أفلام كثيرة، بطرافة وابتكار، أظهرا أن هذا التناول، يستطيع أن يكون ممتعاً للجمهور وغنياً للمبدع في آن واحد، ولنُذكر بهذا الخصوص فيلم«سينما براديسو».

أما الأفلام فهي: فيلمان من السعودية «ثلاث رجال وامرأة» و«سينمانيوس» وفيلم من العراق «روح السينما»، وفيلم من البحرين «بالأمس»، وفيلم من قطر «عبق الظلال»، وفيلم من الإمارات «صوت الحياة»، وأخيرا الفيلم الفرنسي «ستوب مو».

يتحدث الفيلم السعودي «ثلاث رجال ونساء» عن جلسة عمل لاثنين من كتاب السيناريو مع ممثل معروف، يتناقشان فيها عن طبيعة دوره وأهميته في تنفيذ الفيلم، وأثناء ما يخطر لهما، في سياق الحديث، سلسلة من أفكار ساخرة، تجسد لنا بصرياً الممثل مع مشاهد من أفلام كلاسيكية مختلفة لشابلن أو لبراندو أو لكلارك غيبل وغيرهم. ويعالج الفيلم كل ما نسمعه ونشاهده بسخرية لامعة، تكشف، بشكل غير مباشر، لكن بوضوح، فكرة الفيلم الفنية، التي هدفها تبيان الوضع الصعب والمُحرج في صنع الفيلم في بلد إنتاج، لاتزال فيه السينما ليست محظورة فقط، بل محرمة أيضاً.

كيف يمكن إذن للمثل أن يؤدي دوره، وليس هناك ممثلون يؤدون أدوارهم أمامه؟ يقترح الكاتبان ان ليس أمام الممثل إلا أن يقوم ليس بأداء ادوار الرجال الثلاثة فقط، إنما أيضا بأداء دور المرأة: الأم ودور المرأة: الحبيبة!

أما الفيلم الفرنسي، فهو فيلم من صور متحركة مع مشاهد سينمائية، يسخر من أفلام الرعب الهوليودية. قصته: صراع على امرأة بين كين كونغ  ودينا صور.

تكتشف فتاة أستوديو مهجور تحت الأرض، نتيجة تعرضها لحادث سقوط، تعيد أجهزته حياة كين كونغ في مشهد سينمائي شهير له، أثناء هربه من مطارديه، بالمرأة التي عشقها.

لكن الحيوان يغادر، فجأة، الشاشة، ويبدأ في ملاحقة الفتاة، ويشاركه في المطاردة الخطرة الدينا صور، وتنشب بين الاثنين معركة قاتلة، تكاد الفتاة تذهب ضحيتها. لكن حينما يتعرض كين كونغ لخطر الموت تحاول الفتاة، في آخر لحظة، إنقاذه، مرة عن طريق توجيه بروجكتور الإضاءة الحارق الى الديناصور ومرة عن طريق تعطيل آلة العرض!

لماذا الخوف من السينما؟
يكشف الفيلم السعودي الخوف من «صورة الواقع»، لذا يتأتى على الرجل أن يمثل دور المرأة الغائبة، التي لا تظهر «وجهها» لا في الحياة ولا في السينما. وفي الفيلم الفرنسي يأتي الخوف من «صورة الوهم»، فالكاميرا، تقنيا، لا تصور حركة الحياة، إنما يأتي بث الحركة في صور الحياة من آلة العرض نفسها.

أمامنا إذن طريقان إما أن نحرّم آلة الكاميرا أو أن نبتعد عن آلة العرض، التي تبعث الحياة في الوهم المرعب!

 

alzubaidi@surfeu.de

تويتر