من المجالس
قضية القدس والمسجد الأقصى، في القول العربي والإسلامي، هي قضية الجميع، والخط الأحمر وأساس أي حل، وفي الفعل هي قضية الفلسطينيين، وربما المقدسيين وحدهم. فعمليات الحفر تحت المسجد الأقصى متواصلة منذ عشرات السنين، وعمليات تهويد المدينة القديمة ماضية على قدم وساق، وعمليات قضم الأراضي والمواقع المقدسة حول المسجد مستمرة، وغزوات المتطرفين اليهود والمستوطنين للحرم المبارك لا تهدأ. ولدى الإسرائيليين قناعة بأهمية مواصلة الضغط والتقدم ببطء لقطع المسافات على طريق التهويد الكامل، كما كانوا دائماً يعلنون عن استعدادهم لمواصلة التفاوض بالخطوات البطيئة نفسها التي تُحقق لهم في قاعات التفاوض ما يعجزون عن تحقيقه في أرض المعركة. والواقع يشهد بأن الحفريات مستمرة، وعمليات المصادرة لم تتوقف، وخطط التهويد ماضية جنباً إلى جنب مع مفاوضات التسوية واقتراحات الحل الإقليمية والدولية.
وفي مقابل هذا العمل الإسرائيلي الدؤوب لوضع اليد الكاملة على القدس والمسجد الأقصى، لا يبدو غير الناشطين الفلسطينيين الذين ساقهم قدرهم لأن يكونوا في «بوز» المدفع. وأما الموقف العربي والإسلامي الرسمي فقد اكتفى ببيانات رفع العتب، والدعوة لمؤتمرات الخطابة والمناشدة اليائسة للمجتمع الدولي. من دون أن يفكر هذا الموقف الرسمي في استخدام أي من الأوراق والأدوات الكثيرة الواقعة بين يديه لكبح الجموح الصهيوني وإجباره على احترام الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي، ودفع الموقف الدولي باتجاه مواقف أكثر إيجابية لمنع الاعتداءات الصهيونية وإفشال خططها وضمان الحقوق العربية في فلسطين. «إسرائيل» تصعّد، وفي المقابل تحصل على مبادرات أكثر مرونة وإيجابية من الطرف العربي تجاه ما يسمى بتنشيط عملية السلام. وقد وصلت عمليات تهويد القدس إلى مراحلها الأخيرة. والمقبل، حسب مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية د.زياد الحموري، عبارة عن لمسات أخيرة نحو مصادرة عقارات وما تبقى من بعض الأراضي ليصل عدد كل الفلسطينيين في المدينة المقدسة إلى بين 72 و80 ألف مواطن مقدسي فقط لا غير.
هذه الخطط المعلنة والإجراءات المتواصلة لم تقنع الموقف العربي والإسلامي برفع الموضوع إلى مجلس الأمن الدولي كما تفعل «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية كلما أرادتا أن تواجها قضية.. ولو كانت ضد شيخ إحدى عشائر البادية العربية.