ظاهرة سينمائية
ظاهرة سينمائية جديدة ولافتة من جميع النواحي، شهدتها الدورة الثانية من «مهرجان الخليج السينمائي» الذي اختتم أعماله في دبي، الأسبوع الماضي، إذ عرض 169 فيلماً، تنافس 75 منها على الجوائز الرسمية للمهرجان.
المهرجان في دورته الجديدة نجح بامتياز، حسب تأكيد ضيوف ومشاركين وصحافيين، من نواحي التنظيم والفعاليات التي تضمنها، علاوة على تميزه بعرض أفلام جريئة من دول الخليج، ومن بينها أفلام لسينمائيين شباب من السعودية، إضافة إلى الموضوعية والدقة النزاهة التي تحلت بها لجنة التحكيم ذات الخبرة. إذ اكد كثيرون أن هذه اللجنة التي اختارتها إدارة المهرجان تميّزت بمهنية عالية، على صعيد التعامل مع الأفلام المشاركة في المسابقة، حيث جاءت النتيجة بالإجماع، وكان عدد من المتابعين للعروض توقعوا فوز معظم تلك الأفلام، على الرغم من السرية التي أحاطت النتائج النهائية. ولذلك كانت مؤشرات فوز تلك الأفلام واضحة، وفق تقويم متابعين للعروض. كما يحسب للمهرجان أن مقص الرقابة أصبح «معطلاً»، وكانت الحرية عنوان العروض.
الدورة الثانية للمهرجان شهدت ظاهرة أفلام من السعودية بجهود وتوقيع عدد من الشباب الذين عشقوا الفن السابع وساروا في دروب صناعته، على الرغم من الظروف الاجتماعية في بلادهم التي لا تزال تخلو من دار عرض سينمائي حتى الآن، علاوة على عدم رواج الثقافة السينمائية في المجتمع، بما يجعل من الفعل السينمائي عملا ينطوي على جرأة ومغامرة.
شباب من السعودية واجهوا تحديات عدة، مجتمعية وثقافية، لكن عشقهم للسينما لم يثن جهودهم وإصرارهم على فعل جمالي يعرض في مهرجانات خارج بلدهم، لذلك كانوا أشبه بـ«لاجئون سينمائيون»، كما قال بعضهم ممن تحدثوا إلى «الإمارات اليوم» عبر متابعتها فعاليات المهرجان.
تحديات وصعوبات واجهت السينمائيين السعوديين، ومن بينها «التابو» بأبعاده المتعددة، إذ يرى رجال دين تحريم الفعل السينمائي، باعتباره «رجساً»، ومضيعة للوقت وتعميما لقيم مغايرة لما تكرس في المجتمع، علاوة على عدم توافر شاشة واحدة تحتمل عرض فيلم قد لا تتجاوز مدته خمس دقائق. وبالتالي ليس هناك أي بنية «تحتية» لهذا الفعل الإبداعي. كما أن قوة الجذب إلى أسفل التي تسود في معظم مجتمعاتنا العربية، قد تحول دون فعل ما نطمح إليه، لكن هؤلاء الشباب واجهوا كل ما اعترض طريقهم، وأنتجوا أفلاما جريئة في طرحها وجميلة في طريقة تناولها وبمستوى فني يجعلها تستحق المشاهدة، وقد حصد عدد منها جوائز في مهرجان الخليج السينمائي. وبلغ عدد الأفلام السعودية المشاركة في المهرجان 27 فيلما، على الرغم من تقدم عدد كبير من الأفلام للمشاركة. وربما هناك عدد أكبر من ذلك ينتظر الدورات اللاحقة للمشاركة.
الآن الفن السابع يتنفس.
الآن كوة الضوء تتسع.
الآن الصورة تتكلم.
الآن الشاشة تكبر في الحياة، ومن أجل الحياة.