من المجالس

عادل محمد الراشد

لا يمكن أن تكون الحرية هي الشماعة التي تعلق عليها كل رغبة في تحطيم منظومة القيم الاجتماعية و الأخلاقية. فنحن أهل الإعلام و أصحاب الرأي لدينا حساسية خاصة تجاه كل دعوة لفرض قيود من نوع ما على وسائل التعبير والإعلام. ولنا في هذه الحساسية الكثير من الحق، ولدينا هواجسنا التي فرضها علينا واقعنا العربي الذي خلط كثيراً بين الاستقرار السياسي والاجتماعي وبين تحديد الحريات.. وربما تكميم الأفواه. فالرصيد مليء ويكفي لأن يجعل أي إشارة لفرض قيود جديدة مصدر إثارة واستفزاز.. بل وخوف من استغلال مبدأ الدفاع عن القيم لأغراض سياسية. يجب أن يكون هذا مفهوماً لدى الطرف الآخر من معادلة الرأي والرأي الآخر، والمتمثل في الجهات الرسمية ومصادر صناعة القرار، ولكن لابد أن يكون مفهوماً لدى بعض العاملين في قطاع الإعلام ووسائله أن ذلك الواقع الذي عمل طويلاً على توجيه الإعلام وصناعة الرأي لتضييق هامش الحريات لا يكفي لأن يكون مبرراً وسبباً منطقياً لجعل الدعوة إلى الحرية المطلقة، وتحويل مبدأ الحرية إلى مدفع متعدد الرؤوس والفوهات يطلق قذائفه على كل من يحاول إعادة تعريف مفهوم الحرية، والفصل بين معانيها وبين الانحلال والتعدي على الأخلاق والمشاعر والمس بالثوابت.

على هذه القاعدة يمكن أن نفهم بأن دعوة قائد شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، للتضييق على مواقع الإباحة الجنسية لا تعني التضييق على الحريات، وإنما اتجهت لتذود عن المعاني والقيم التي تشكل منظومة الأخلاق والثقافة في مجتمع الإمارات، بما فيها قيمة الحرية بما تحمل الكلمة من معاني سامية تبني ولاتهدم. وعلى هذه القاعدة لا نرى أي وجاهة في ادعاء مدير مركز الدوحة للإعلام بأن «الحرب ضد الإباحية عادة تكون ذريعة لمحاربة حرية الإعلام»، ولا نجد له أي تفسير في قواميس الإعلام. بل يمكن الزعم بأن «حرية الإعلام» شعار كثيراً ما تم توظيفه لإطلاق القذائف وتوجيه الإساءات وهدم الحقيقة وإحراق ثوب الحرية. وإذا كان هناك نوع من الحرص يريد مدير مركز الدوحة للإعلام أن يظهره في حربه التي أشعلها فليكن حرصاً على توضيح العلاقة بين قلة الأدب والحرية.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر