إهمال الزبائن المحليين!

سامي الريامي

لفت نظره إعلان في أحد مكاتب السياحة الألمانية، في مدينة ميونيخ، يعرض فيه المكتب السفر لمدة أسبوع، والإقامة في فندق خمس نجوم على شاطئ الخليج، بينه ليلتان في «برج العرب» مقابل 1500 يورو فقط!

مثل هذه العروض منتشرة بكثرة في كثير من الدول الأوروبية، كما يقول هذا الرجل الذي شاهد الإعلان، ويضيف «فكرت بجد أن أدخل المكتب، وأحجز معهم، لأتمكن من الحصول على مثل هذه الرفاهية، لأنني على الرغم من كوني مواطناً ومن دبي، إلا أنه لا يمكنني الحصول على مثل هذا العرض، ولو كان صاحب الفندق أعز أصدقائي»!

طبعاً القصة ليست مرتبطة بالجنسية، فلا أعتقد أن فنادق الإمارات بشكل عام، تتعامل مع الزبائن حسب جنسياتهم، لكن الموضوع هو غياب الترويج الداخلي للفنادق، وعدم الاكتراث لتنشيط السياحة الداخلية، وعدم وضع الخطط والبرامج الخاصة لاستقطاب العائلات المواطنة، على الرغم من كونهم يدفعون أكثر ويصرفون أكثر من أي جنسية أوروبية!

فنادق الإمارات تسعى جاهدة لجذب أفواج السياح من الدول الأوروبية، وتعطيهم الأولوية في الحجوزات، وتسهيلات كبيرة، وأسعار تفضيلية ربما لا يجدونها في بلدانهم، كل ذلك بهدف الترويج ورفع نسبة الإشغال، ولا يهم إن كانت نسبة الإشغال العالية هذه على حساب السعر، المهم أن يمتلئ الفندق بالجنسيات الأوروبية، فمؤشر النجاح يعتمد على انتشارهم في ساحات الفندق وردهاته.

لا نمانع في ذلك، ولا مانع من الترويج واستقطاب السياح، ولكن لا يعني ذلك تجاهل السياحة الداخلية، وتجاهل المواطنين والمقيمين، ومن غير المنطقي أن تتفاوت الأسعار بشكل كبير مُبالَغ فيه، فالعائلة المواطنة تصل «فاتورتها» أضعاف ما يمكن احتسابه للسائح الأجنبي!

في اعتراف نادر لأحد مسؤولي الفنادق قال لي «هل تصدق أن السائح الأوروبي لا يمكن أن ينفق درهماً واحداً إضافياً داخل الفندق؟»، سألته: كيف؟ قال: «يعتمدون دائماً على العروض الترويجية قليلة السعر، المنتشرة بكثرة من فنادق الإمارات هناك، فيدفعون قيمة الإقامة أسبوعاً مثلاً بسعر مخفض، وعند وصولهم الفندق، فإنهم لا يمكن أن يأكلوا في أي من مطاعمه، أو يشتروا أياً من السلع المعروضة، وكل ما يفعلونه الاسترخاء على البحر نهاراً، والاستمتاع بالوجبات السريعة خارج الفندق، يأتون بشنطة صغيرة للغاية، ويرجعون بها من دون زيادة»!معنى ذلك أن دورة الاقتصاد لا تستفيد إلا بقدر يسير للغاية من هذه الأفواج السياحية، وبكل تأكيد فإن طائرة واحدة أسبوعياً من أي دولة خليجية محملة بالعائلات، لا شك أنها تخدم الاقتصاد الوطني بشكل أكبر من 10 طائرات يومية مقبلة من أوروبا!

ومع ذلك، فإننا لا نعترض على استقطاب السياح من أي مكان في العالم، لكننا نطالب الفنادق فقط بالاهتمام بجذب المواطنين، وإقامة العروض الخاصة لهم، خصوصاً في هذه الفترة الصعبة، فالسياحة العالمية مرشحة للتباطؤ، حالها كحال مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي فإن جذب المواطنين داخلياً له من الآثار الاقتصادية الإيجابية، ما يجعل الاهتمام بهم في غاية الأهمية، فهل سيتنبّه مسؤولو الفنادق المحلية إلى هذا «الدخل» المعطل بسبب قلة اهتمامهم وإهمالهم الزبائن المحليين، وتركيزهم على الأفواج الخارجية؟ أم سينتظرون حتى يفقد المواطنون والمقيمون الثقة بهم، ويبتعدوا عن الإقامة لديهم؟!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر