من المجالس
انتهى الماراثون الطويل لتسجيل المواطنين للحصول على بطاقة الهوية، واضطرت خلالها الهيئة لاستخدام منطق التهديد بفرض العقوبات لمن يتخلف عن التسجيل، وردّ المتأخرون والمتقاعسون بأن لا شيء يدعوهم لترك أعمالهم و الوقوف في صفوف يتنازعون مواقعها وأرقامها من قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الفجر وحتى آخر النهار للحصول على بطاقة تضاف إلى جملة البطاقات المتزاحمة في محافظ الجيوب. وبعد هذا الشد والجذب الذي اضطرت فيه الهيئة لسحب الكثير من تهديداتها، والتنازل عن العديد من المهل الأخيرة التي أعلنتها، وصل الطرفان عند نقطة إتمام التسجيل، ووصلت البطاقات إلى طالبيها، وماذا بعد؟
هذا السؤال ورد هذه المرّة على لسان درويش الزرعوني مدير عام هيئة الإمارات للهوية، ولكن على شكل تحذير للجهات الحكومية وشبه الحكومية برفع الأمر إلى مجلس الوزراء إذا لم تعتدّ ببطاقة الهوية كوثيقة رسمية في تعاملاتها. ولا أعتقد أن السيد الزرعوني يقصد طلب إبراز الهوية من قبل هذه الجهات للنظر إليها ثم إعادتها إلى جيب صاحبها، وإلا فرخصة القيادة تكفي. باختصار، خلاصة القيد يجب أن ترتاح بعد ذلك في خزانة البيت بدلاً من خزانة السيارة، وجواز السفر لا يحمل إلا لغرض السفر، و تنتهي مقولة، «صورة من خلاصة القيد وصورة من جواز السفر». فإذا كانت البطاقة تحمل كل البيانات الموجودة في الخلاصة والجواز وكل الوثائق الأخرى فلماذا «مرمطة» الوثيقتين إلى درجة الاهتراء والتعرض للضياع؟ «مكتب ثقافة القانون» قناة تعتزم وزارة الداخلية فتحها «لتوعية وتثقيف أفراد المجتمع حول كيفية احترام القانون»، وهي إضافة جديدة وجميلة من الجديد والجميل الذي اعتادت «الداخلية» أن تحاكي فيه تطور مجتمع الإمارات، وتسابقه أحياناً. ونتوقع أن يسهم المكتب بالإضافة إلى غرس ثقافة احترام القانون نشر ثقافة معرفة القانون بين الناس، ويفهم كل واحد منهم مكانه على مربع الصح والخطأ، لا ليتجنب الوقوع في المخالفة فقط، ولكن ليضمن عدم إيقاعه في الخطأ.