من المجالس

عادل محمد الراشد

يزداد إقبال الشباب اليافعين على مقاهي الشيشة بشكل يثير القلق، لا يبدو موجوداً على المستوى العملي. في الأقوال يصدر الكثير من التحذيرات، والكثير من التأففات، والكثير من التنظيرات التي تؤكد خطر هذه المقاهي، ليس على صحة الشباب وسائر المرتادين، وإنما على الأخلاق العامة، وعلى نمط الحياة الاجتماعية، وعلى الكفاءة الإنتاجية. ولكن الأفعال تقف دون الأقوال، وتظل التنظيرات تراوح في مكانها، بينما تتمدد مقاهي الشيشة عدداً ومساحة لتجتذب المزيد من الناس، وخصوصاً شريحة الشباب. والشباب لم يعودوا أولاداً فقط، بل انضمت أعداد لا يستهان بها من البنات إلى مشهد التدخين على أرصفة المقاهي أو داخل الكبائن المغلقة.

الدعوة إلى مواجهة هذه المقاهي بدأت منذ أكثر من عقد من الزمان عندما تحولت، بفعل الخبرات العربية الفذة في هذا المجال، إلى ظاهرة تمددت واستشرت بعد أن تسللت إلى مجتمعنا على حين غفلة، وتحت جنح ظلام ادعاءات الترفيه والتسلية، لتصبح آفة تجاوزت حدود حرق الأوقات إلى حرق الصحة و الأخلاق و تبخير العقول وإفراغها من المفيد، ليحل محله كل مضر مبيد.

وتراوحت هذه الدعوة بين مد و جزر، و لكن الظاهرة كانت في حالة مد دائم، وتمدد بغيض. فأصبحت تشكل الآن تهديداً لا يقال من باب التهويل، وإنما بمنطق الواقع الذي تقدمه صور ومشاهد الجالسين على مقاعد وأرصفة هذه المقاهي.

يقول أحد الأطباء إن خطر مادة «الجلسرين» الموجودة في «المعسل» المنقوع فيه التبغ، يزيد أضعافاً كثيرة على خطر التبغ نفسه. ويزيد هذا الخطر بفعل إطالة جلوس المدخنين، وتكرار ترددهم على المقاهي، ناهيك عن خطر تداول «الأرجيلة» نفسها بين مئات وربما آلاف الناس.

وبناء على ذلك يمكننا أن نتخيل الوضع بعد سنوات في صحة الشباب المتدافعين على هذه المقاهي. وبإمكاننا تصور المزيد من الأرقام المفزعة في عدد المصابين بالأمراض الخبيثة و المزمنة. و أما تداعي النسق الأخلاقي والقيمي، فتمكن رؤيته الآن وليس غداً في جولة سريعة بأحد المقاهي التي صارت تحتل المساحات الخضراء والشواطئ العامة، تحت بند الاستثمار، لنرى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر ببال أحد من السابقين بأن هذا سيحدث في مجتمع الإمارات.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر