من المجالس

كل أسواق العالم سارت مع الأزمة المالية، و سايرت مستجداتها، و خفضت أسعار منتجاتها و بضائعها، تحت ضغط الجبر مرة بسبب نقص السيولة و تراجع القوة الشرائية، وفوق بساط الحوافز، مرة أخرى، بسبب هبوط تكاليف الإنتاج.

أسواقنا أصابها قليل مما أصاب أسواق الدول الأخرى، و لكنها تجاهد و تكافح لإدارة ظهرها لما يحدث في أسواق العالم. بعض أسعار المواد الغذائية تراجع عما وصلت إليه الأسعار في ذروة السعار، و لكن نقاط المقاومة عنده لا تزال قوية وعنيدة ترفض مجاراة مثيلاتها في أسواق الاستهلاك العالمية. أما القطاعات الأخرى فلا تزال ترفض السير مع مستجدات الأزمة، و ترفض مشاركة الزبائن فيما أصابها من هبوط في تكاليف الإنتاج والاستيراد والتشغيل، بسبب هبوط أسعار النفط بمقدار الثلثين، وهبوط أسعار البضائع من بلدان الإنتاج، و هبوط أسعار الوقود الداخلية، و هبوط قيمة الإيجارات. فهذه القطاعات وصلت إلى مستويات لا تقبل التنازل عنها و الهبوط دون سقفها. وعند أصحابها لكل سؤال جواب و إن جانَب الحقيقة و اجترأ على الحق.

هؤلاء التجار يعتقدون بأن السيولة لا تزال في يد الناس، بينما مستويات الإنفاق العام التي يتحكم بها العامل النفسي أكثر من المادي، تشير إلى أن مشتريات الناس قد قلّت. و مع ذلك يكابر التجار والملاك والمقاولون وشركات السفر والسياحة، ويفضلون البيع قليلا والربح كثيرا. ويؤثرون تحمل آلام قلة الطلب والصبر على الواقع والصمود على أسعار بضائعهم وخدماتهم، لإقناع الناس بأنه الأمر الواقع الذي يجب أن يتعايشوا معه.

هذه النظرية تحتاج إلى فعل حكومي يعيد تعريفها وهيكلة مضامينها، لأن أضرارها لا تتوقف عند حدود المستهلك فقط، وإنما تهدد فاعلية وحيوية اقتصادنا الوطني. وهذا الفعل الحكومي المطلوب لا يعني التدخل على طريقة الإجراءات الاشتراكية، ولكنه يعني وضع آليات تؤكد ربط الأسواق المحلية بمثيلاتها العالمية في حالة الهبوط والصعود، وليس في اتجاه واحد فقط، كما حدث عندما ركبت الأسواق المحلية موجة الغلاء العالمي، لتتقدم عليه مسافات لا خطوات.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة