المجرم الضحية
في أثناء الغزو الإسرائيلي لمخيم جنين، وفي خضم ارتكابه للمجازر الشهيرة، والتعتيم الإعلامي، شد انتباهي أن بعض قنوات الأفلام التلفزيونية المدفوعة التي تبث من قبرص، قامت بشكل غريب بعرض أفلام عدة يجمعها قاسم مشترك، بعضها عن مخيمات الاعتقال النازية وأخرى تتناول قصة المحرقة، وبعضها الآخر يتناول قصص معاناة أفراد ينتمون إلى الطائفة اليهودية، في إشارة واضحة إلى محاولة قلب الرأي العام وإظهار الإسرائيليين بصورة الضحية المظلومة في حين أن الواقع بخلاف ذلك!
فُجع المجتمع الإماراتي أخيراً بجريمة فظيعة، وهي قيام لاعب كرة قدم، مع بعض المدججين بأسلحة بيضاء بعمل كمين لشاب إماراتي في مقتبل العمر، وعندما أقول «بعمل كمين» أي بيتوا النية وعقدوا العزم. أما سبب الفعل الذي أقدموا عليه فهذا فيه خلاف وهو طي التحقيق، أما النتيجة كما قرأت في جريدة صادرة بالإنجليزية، فهي ضرب الشاب بقسوة وبلا أية رأفة بواسطة العصي الغليظة والركل في البطن والوجه ثم الطعن بالسكاكين، ولم يكتفوا بذلك حتى عاجلوا الضحية بضربات السيوف ليقطّعوا الشاب إرباً ويقتلوه بطريقة شنيعة.
وبناء على ذلك فقد أخذ القانون مجراه وقضت محكمة الشارقة الشرعية الابتدائية بإعدام اللاعب وشقيقيه، وحكمت على ستة من المشاركين بالحبس، وقبل أن تقفل القضية ويعتبر من لا يعتبر، نفاجأ بتداعيات جديدة، حيث دخل الإعلام على الخط وأصبح مدافعاً عن اللاعب وأفعاله بشكل غير مباشر، فقد بثت قناة محلية أخيراً برنامجاً تعاطفياً مع اللاعب المحكوم عليه بالإعدام، ولا أعلم عن نية معد الحلقة التلفزيونية وسبب بث القناة تلك الحلقة! فقد قامت بتسجيل لقاء مع اللاعب الموقوف الذي أبدى التوبة وعبّر عن الندم، وألقى باللوم على رفاق السوء الذين ورّطوه في ما هو فيه، وتمنى العودة الى عائلته «المفجوعة» والذهاب مع والدته إلى العمرة والحج والخروج من المأزق الذي هو فيه كأن شيئاً لم يحدث! كما بثت القناة مشاهد لأم الجاني وهي تبكي حزناً على ابنها طبعاً وليس على القتيل. وهنا أسأل هذه القناة عن سبب عدم بثها برنامج تظهر فيه أسرة المجني عليه المغدور وحال والدته التي سمعت خبر جز عنق فلذة كبدها وتقطيع أطرافه في الشارع بلا رحمة، حتى يكون هناك توازن إعلامي ومصداقية في طرح القصة كاملة. وهل لاعبو كرة القدم بمعزل عن الشريعة والقانون والأعراف والإنسانية في نظر الأجهزة الإعلامية الرياضية؟ وهل الهدف من كل ما نشهده هو محاولة تخفيف الحكم عن اللاعب المغمور؟ مع انه ارتكب أبشع جريمة قتل في تاريخ الإمارات عن عمد وعن سبق إصرار وترصد!