أقول لكم
هذه ليست مزحة، بل كارثة عالمية جديدة، آثارها المدمرة ستفوق الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي منذ الربع الأخير من العام الماضي، فنحن هنا لا نقف عند خسارة ودائع أو رهون مساكن، ولا نعيش تداعيات انخفاض أسواق الأسهم والسندات وهبوطاً في قيمة العقارات، فتلك أمور تتدارك بشيء من التنظيم وإعادة تخطيط المؤسسات وفتح السيولة وتقويم الاختلالات، أما هنا، عند أنفلونزا الخنازير، فالأمر يختلف، ونحن على ثقة بالبيانات التي تصدر حول عدم وجود حالات إصابة، وأيضاً نحن مطمئنون إلى كلام الذين يطالبوننا بالاطمئنان، ولكن، وكما قلت لكم في البداية، فإن هذه ليست مزحة، ونحن لسنا بعيدين عن انتقال المرض إلينا، لأننا ببساطة نقع في منتصف العالم، وبلادنا مركز ارتباط بين الشرق والغرب، ومن يمرون بمطاراتنا قادمون من الدول المصابة بذلك المرض، والدائرة، أقصد دائرة انتشاره بدأت تضيق، فهو يقترب، ونحن نريد أن نطمئن من خلال الإجراءات وليس التأكيدات، وعلينا أن نتعامل بحزم يفوق تعاملاتنا السابقة مع الأزمات، ومن ينظر إلى محطات الأخبار الغربية سيعرف أن هناك وباء عالمياً يسري بين الناس كما تسري النار في الهشيم، وهذا الكيان الصهيوني القابع في أرض فلسطين ينقل مسؤولية الإشراف على مواجهة المرض والإصابات التي ظهرت إلى الجيش بدلاً من وزارة الصحة، وكذلك فعلت المكسيك التي انطلق منها الوباء، ولم تعد هناك سرية حول العالم، لهذا نحن نريد أن نطمئن إلى الإجراءات، وهي تبدأ من توافر الأمصال المساعدة في تجنب المرض وتنتهي بالحجر الصحي على القادمين من الدول التي ظهر بها المرض، وفي مطارات كثيرة بدأت إجراءات فحص القادمين، فهل نحن فعلنا ذلك؟ وفي مطارات أخرى بدأ تخفيض أو وقف الرحلات من الدول الموبوءة، فهل نحن سنفعل ذلك؟ وفي دول كثيرة بدأت الاستعدادات لفتح مراكز الحجر، فهل نحن فعلنا ذلك؟ إنها تساؤلات من أجل الاطمئنان، نرى أن الإجابة عنها أصبحت ضرورية وملحّة، خصوصاً أننا من أولى الدول التي شكلت لجنة خاصة لبحث تطورات أنفلونزا الخنازير على المستوى العالمي، ولكننا لسنا مع من يقول إنه جاهز قبل أن يعرف شيئاً عن المرض، وأيضاً لسنا مع كلمة «لاخوف من المرض» لأننا نملك خطة لمواجهة أنفلونزا الطيور وهي الخطة نفسها لهذه الأنفلونزا الجديدة، فلو كان الأمر كذلك لما تداعت المنظمات الصحية العالمية ومعها السلطات الأمنية والصحية في الدول الكبرى للمواجهة الجديدة!