من المجالس

عادل محمد الراشد

الأخبار المفزعة ليست بالضرورة سيئة لدى كل الناس. فحزن البعض مصدر فرح لآخرين، وقلق أقوام فيه مسرّة أقوام، وخسارة ناس قد تزيد من أرباح ناس آخرين. وإذا كان العالم اليوم يضع يده على قلبه خوفاً وهلعاً من أنفلونزا الخنازير، ويغطي بيديه فمه وأنفه حذراً من تطاير رذاذ عطسة طائشة أو كحة طائرة مع أخبار انتشار المرض التي يبدو أن الفيروس قد أصابها بإسهاله هي الأخرى قبل أن تصل أعراضه، فإن في العالم من يرقص فرحاً بالمصيبة الجديدة التي تمطر ذهباً.

شركات صناعة الأدوية هذا يومها. وقد أصبحت كل فصول السنة، وربما أيامها، هو يوم جديد في مسيرة ازدهار هذه الشركات، وتراكم أرباحها، وزيادة نفوذها. فالعالم حزين، وتقاطيعه متجهمة، وأحاسيسه مهزوزة بعد أن عبر داء الخنازير المحيطات من دون أجنحة، واخترق الحدود مستغلاً كل مستجدات العولمة، ليصل في ساعات قلائل من المكسيك في أقصى شمال غرب الكرة الأرضية إلى نيوزيلاندا القاصية في قاع جنوب شرق الأرض، ناثراً في طريقه غبار المرض دون تمييز بين محبي الخنزير وغير المحبين. وبدأ العالم يحصي خسائره وموتاه، بينما استعد صناع الأدوية وتجّـارها لعد الأرباح الجديدة التي ستنهال مع انهمار طلبات الدول الخائفة والمنظمات الفزعة لتوفير اللقاح المضاد للطاعون الجديد.

وقد أنتجت هذه الشركات مليارات الوحدات من عقار «الثاميفلو» للتخفيف من هلع الدول يوم طارت أخبار أنفلونزا الطيور قبل عامين. وبقيت كميات هذا اللقاح في المخازن تنتظر انتهاء تاريخ الصلاحية، ليتم البدء بالحديث عن لقاح جديد تتسابق الشركات الآن لإنتاجه دون الحاجة إلى حملة إعلانية لتسويقه.

في ظروف كهذه تختلط الأمور، وتلتبس الحقائق بالدعاية الطامعة، وعادة يكون المتلقي المستهلك، للمعلومة كما للسلعة، هو أكبر ضحايا التدليس والغش، وأكثر المنفقين على العلاج وإن لم يصل الوباء إليه ولم يتمكن الفيروس من إيجاد محط له على أرضه أو في هوائه.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر