من المجالس
موضوع خطبة الجمعة أمس كان عن العمل، كقيمة وأمانة ومسؤولية. عن العلاقة بين العامل وعمله، والعامل ورب العمل، وحقوق وواجبات ومسؤوليات الاثنين. موضوع مهم، في توقيت مناسب، ولكن أشك في أن الرسالة قد وصلت إلى أكثر المصلّين، وخصوصاً الشريحة المعنية بالموضوع، وهم العمال.
في المسجد الذي صليت فيه ويتسع لأكثر من 800 مصل يمثل العمال أكثر من 80٪ منهم تقريباً وذلك بحكم أن المنطقة في حالة بناء دائم وورش البناء فيها تكاد تزيد على المساكن، ونسبة كبيرة من هؤلاء من العمال غير العرب الذين بالكاد يجيدون كلمات من لهجة «العرب أوردية» كما سماها رسام الكاريكاتير الشهير حامد نجيب طيب الله ذكره.
والخطبة صالت وجالت، بالعربي الفصيح طبعاً، وقدمت نماذج من الكتاب والسنة، والربع «خبر خير».. جالسونٍ بخشوع الإحساس، ومنصتون بفطرة الإيمان والحرص على الفريضة، ولكن لا يبدو أنهم فاهمون الرسالة.
لهؤلاء حق الإنصات بفهم، والخشوع بتدبر، وللخطبة ورسالتها عليهم، كما على سائر المصلين، حق الاستماع واتباع أحسنه. ومن دون ترجمة خطبة الجمعة فإن الرسالة تكون معطلة، وخصوصاً في مثل هذه الموضوعات والهدف متعثر.
وإطالة البحث في كيفية الترجمة، واستمرار الحيرة في انتقاء أحدث الطرق وأكثرها تطوراً يؤدي إلى الاستمرار في حرمان أكثر المصلين من فهم الخطبة، وحرمان الخطبة من توصيل رسالتها ونشر مفاهيمها وتحقيق أهدافها.
وحتى يحين وقت الحصول على الوسائل الحديثة والأدوات التقنية عبر شاشات كبيرة أو نصوص إلكترونية، يمكن تبسيط الموضوع بترجمة الخطبة وطباعتها على ورق(A4)، وبأغلبية لغات المصلين غير الناطقين بالعربية، وتوزيعها على أبواب المساجد قبل بدء الخطبة والصلاة.
دخل فصل الصيف مبكراً، وأصبحت درجة الحرارة فوق الـ40 درجة، وصارت رؤوس العشرات من المصلين مكشوفة أمام أشعة الشمس الحارقة. فأكثر المساجد، وخصوصاً في المناطق السكنية الحديثة قليلة المساجد، يفيض عدد المصلين عن قدرتها الاستيعابية، فيفترشون الساحات المحيطة بالمسجد من دون حجاب يظللهم، ولسان حال هؤلاء يقول: أظلونا أظلكم الله بظله يوم لا ظلّ إلا ظله.