رحلة كتاب
لطالما كان الأدب في جوهره مهنة أساسها العالم من حولنا. وكما هو الحال مع الفن، ينجح الأدب في خلق مدركات مختلفة لعالم مألوف أصلاً ونقل القارئ على جنبات الورق إلى ذلك العالم باجتراح جو سحري يبعث مشاعر مألوفة للقارئ. ولسوء الحظ فإن جو عالم الأدب الساحر والغريب كان مفقوداً في معرض لندن للكتاب الذي عُدت منه أخيراً، فبدلاً من أن يكون معرضاً يعرّف بالمؤلفين الجدد ويزود القرّاء بالجديد من الكتب، تحول إلى معرض تجاري بحت أنشئ خصيصاً لأرباب مهنة النشر بحيث جنح بمهمة المعرض ودلالاته بعيداً عن الجمهور لصالح الناشرين والوكلاء، فالكل حاضرٌ لأجل الندوات واللقاءات التجارية وليس من أجل الكتب والأدباء والفكر.
كانت المشاركة العربية الرسمية خلال معرض لندن للكتاب ضعيفة جداً، حيث لم يشارك على الصعيد الرسمي إلا دولة الإمارات والسعودية، أما بقية المشاركات العربية فكانت أغلبها عبر دور نشر قليلة جداً ومن دول عربية كمصر ولبنان واليمن، وتعتبر المشاركة الإماراتية الأكبر على المستوى العربي. وتميزت المشاركة الإماراتية بفخامة منصات العرض والمساحات الكبيرة المخصصة، كما تميزت أيضاً بالديكورات الجميلة مقارنة مع جميع المنصات الأخرى، فكان جناح وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع متميزاً جداً، وكذلك هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة ومؤسسة محمد بن راشد. وقامت المؤسسات الثقافية الإماراتية الرسمية بعرض منتوجاتها من إصدارات ومنشورات. كما احتوى جناح وزارة الثقافة بالاضافة إلى إصداراته على إصدارات بقية المؤسسات الثقافية الأهلية. وعلى العموم، فإن مشاركة الإمارات كانت كبيرة وحازت إعجاب الكثيرين من رواد وقائمين على المعرض. إلا أننا نرى أنه كان من الأفضل أن تكون المشاركة تحت مظلة وزارة الثقافة، فبدلاً من تشتت المؤسسات الثقافية المحلية الرسمية في منصات عرض وأجنحة مختلفة، كان من الأفضل أن تجتمع الهيئات الثقافية الحكومية في دولة الإمارات في منصة واحدة تتبع الوزارة كونها الجهة الثقافية التي تمثل دولة الإمارات جميعها وليس إمارة بعينها. وقد تكون إمكانات بعض الهيئات الثقافية الحكومية المحلية أكبر بكثير من إمكانات وزارة الثقافة، إلا أن الاحترام والتعاون مع جهة تحمل الشعار الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة معها خارجياً مطلوب. فالجناح السعودي مثلاً كان عبارة عن منصة عرض واحدة فقط وفخمة برعاية وزارة الثقافة السعودية واحتوت على إصدارات وممثلين عن أغلب المؤسسات الثقافية والتعليمية السعودية.
كالعادة، كلما عُدت إلى أرض الوطن عبر مطار دبي الدولي أحمل كتباً معي، لابد لشباب الجمارك من سؤالي! ربما لأنني ألبس ملابس غربية فيعتقدون أنني أجنبي. وسألتني المفتشة عند جهاز السكانر: «(خيبة!) لماذا تحمل معك كل هذه الكتب وماذا ستفعل بها؟»، وددتُ حينها أن أقول لها إنني أحمل معي كتباً ممنوعة، ولكن نظراً لحداثة سنّها اكتفيت بالإجابة: لمحاربة التخلف الذي أعاني منه!
salemhumaid.blogspot.com