صورة ناقصة

تنخرط مؤسسات كثيرة مثل: المعهد الملكي للدراسات الدينية، ومركز الدراسات اللبنانية، ومركز الشرق الأوسط في كلية سانت انطوني في أكسفورد في نشر التقارير التي تحث الجاليات العربية على المساهمة في تحسين صورة العرب في الغرب، من غير أن تقدم لهم صيغة سياسية أو اعلامية، أو حتى دعماً مالياً يرفع من سقوفها الواطئة.

وتغفل هذه المؤسسات في نقدها لتقصير الجاليات وعدم إثبات وجودها في الحياة العامة، خصوصاً في أميركا، أن معظم هذه الجاليات دفعت دفعاً إلى الهجرة، وأنها كانت شرائح مهمشة في البلدان الأصلية، بفعل سياسة هذه البلدان التي لم تفعل شيئاً في سبيل اندماجهم في المجتمع الأصلي، أو المجتمع الذي ينتمي إليه.

بيد أن السؤال هنا ماذا تتوقع هذه المؤسسات من الجاليات العربية، وهي التي عاشت على هامش المجتمع العربي، وراحت تعيش الآن على هامش المجتمع الغربي؟ وكيف ستساهم في تحسين صورة العرب من دون أن تستند إلى صيغة غير مزورة، تشتمل على أوضاع مجتمعاتنا العصرية التي طالها الإصلاح إلى الحد الذي يمكن لها أن تفتخر به.

هل يمكن لهذه الجاليات مثلاً أن تقول للغرب إن العالم العربي تجاوز واقع التخلف، واستطاع استنبات ديمقراطية حقيقة تحترم حقوق الإنسان، وتتغنى بوجوده؟

هل يمكن لهذه الجاليات أن تتحدث عن حقوق المرأة، من غير أن تتشردق بجرائم الشرف وتتلعثم في مفردات مثل: المعنفة واللطيمة والموطوءة التي تنصب، حتى وإن اختفى الفاعل؟

وماذا ستقول الجاليات من مقولات تقابل مقولات الميديا اليهودية التي استطاعت أن تدخل في البيان النفسي الغربي منذ أكثر من قرن وتزرع في مناطقه الراسية أننا مجرد كائنات رملية تبحث عن المتع الذاتية والوحشية أيضاً، وأن تاريخنا كله لايزال يقوم على الإساءة إلى الآخرين.

بصراحة، لا تستطيع هذه الجاليات أن تغير من هذا الواقع، مثلها في ذلك مثل جهات استثمرت في العام الماضي وحده أكثر من 50 مليون دولار لتحسين صورة العرب، معتمدة على صورة الممثل سيلفستر ستالون وعضلاته التجارية في فيلم باسم «تربل ون» الذي لم يجد ما يركز عليه سوى التقدم العمراني، والنواحي الجمالية السياحية.

بصراحة أخرى، كان لابد لهذه المؤسسات الباحثة عن تحسين صورة العربي في الغرب أن تبتعد عن منطق الفزعة، أو منطق «اللحيق عند الغارة»، وتقترب أكثر لتحسين صورته في داخل البيت العربي أولا، ومن ثم المطالبة بالتغيير والإصلاح، واستظهار المفتقد في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لتنطلق بعدها إلى وضع استراتيجية دعم لهذه الجاليات التي لم تصل إلى مستوى اللوبي، لا من حيث الثقل العددي، أو الاقتصادي، أو حتى التطور الكرونولوجي الخاص بعلم قياس الزمن الذي عاشته هذه الجاليات وكيف عاشته، إضافة إلى تطلعاتها كيف تعيشه في المستقبل الآتي.

zeyad_alanani@yahoo.com

الأكثر مشاركة