من المجالس
هل تحقق صحافتنا المحلية التطور المنشود؟ سؤال ربما يصدم الكثيرين، ولكنه سؤال من داخل «البلاط» تفرضه التجربة الطويلة، وتؤكده المعاناة اليومية التي تنتهي بوصول الجريدة إلى يد القارئ.
ومن داخل الميدان، أقول إن صحافتنا حققت تطورات متلاحقة في الشكل وعدد الصفحات وتوظيف التقنية الحديثة وتنويع الخدمات، ولكنها تواجه تحديات كبيرة وقاسية على صعيد المضمون.. تحديات تحاول أن تحرمها من خاصية التميز والانفراد والتنافس الحميد لكسب القارئ وخدمة المجتمع. تحديات تكمن في تدفق المعلومة أولاً، وفي التحرر من صنم الرقابة الذاتية وغول الرقيب النفسي ثانياً.
والصحافة مهما تجملت في الشكل، وتطاولت في زيادة عدد الصفحات، وزايدت في إصدار الملاحق فإنها تظل مقموعة من داخلها ومسكونة بالشعور بالعجز إذا وجدت الأسوار تزداد ارتفاعاً حول المعلومة التي تصبح خبراً، ولاحقتها العيون الحمر كلما أرادت أن تطرق قضية أو تكشف عن حقيقة. فهي مطاردة بتهمة التشهير مرة، والتشويه مرة ثانية، والتضخيم مرة ثالثة، والتطاول مرة أخرى. وعندما تحاول الصحافة ويحاول الصحافيون التغلب على هذا الشعور والخروج من هذه الشرنقة، فإنهم يصطدمون بحراس المعلومة وسجاني الحقيقة الذين يعتقدون أن مجافاة الصحافة والتخويف من الصحافيين هو جزء من صلاحياتهم التي منحهم إياها وجودهم على رأس المسؤولية في هذه الوزارة أو تلك الدائرة.
لذلك يجد القارئ أن الصحف على صعيد الشأن المحلي تكاد تكون نسخة واحدة، ولكن بأشكال وأحجام مختلفة إلا من بعض الاختلافات في الأخبار والتحقيقات وأعمدة الرأي. وغالباً ما تتبادل الصحف هذه الموضوعات في مراوحة تعكس إلى أي مدى ضاقت المساحات والهوامش، وشحّت المصادر التي استأثرت بالمعلومة، واستحوذت وحدها على مفهوم المصلحة العامة، وكأن صحافتنا المحلية لاتزال صغيرة إلى درجة لا تستطيع التمييز بين الصح والخطأ، أو مراهقة إلى درجة التهور.
هذا الواقع هو المعاناة الحقيقية لأهل المهنة، وهو الذي يجعل من السؤال أمراً مشروعاً يحتاج إلى المزيد من بسط الحقائق ومواجهتها بشكل صريح، وهو ما سنكمل الحديث فيه غداً إن شاء الله.
adel.m.alrashed@gmail.com