من المجالس

نعود إلى حيث ابتدأنا أمس بالسؤال عما إذا كانت صحافتنا تحقق التطور المنشود، ونواصل من حيث انتهينا ببسط المزيد من الحقائق حول التحديات الشرسة التي ترمي الشوك في طريق الصحافة المحلية في محاولة لمنعها من أداء دورها في الرقابة والتثقيف.

أكثر الصعوبات تأتي من خارج المؤسسات الصحافية، من المصادر التي تتحكم في المعلومات والحقائق وتحول بينها وبين الرأي العام، ولكن هذه المنغصات تجد، للأسف، آذاناً صاغيةً داخل المؤسسات الصحافية.. إما بسبب سطوة الرقيب النفسي، وإما لحسابات وتوازنات.. المصالح الشخصية منها ليست ببعيدة. فالكثير من المسؤولين لايزال يرى في الصحافة وسيلة لخدمته وتلميعه وعرض بطولاته، فهي بالنسبة له وسيلة علاقات عامة ونشرات دعاية وإعلان. وأما الوجه الآخر للصحافة، وهو الرقابة وتوصيل المعلومة والتوعية فينظر إليه بالكثير من الشك والقليل جداً من التجاوب.

وكثير من المسؤولين لديه فوبيا الظهور، مقتنع بوصية «الحريصين» بأن أضواء الإعلام حارقة فلا تقربها، وكثير من المسؤولين يعتقد بأن الصحيفة شعبة في قسمته أو دائرته، والصحافي أحد موظفيه فيوجه بالأوامر في ما ينشر وما لا ينشر، ويطالب بمراجعة المادة قبل النشر، وينسى نفسه أكثر ويعيش الدور بالحذف والإضافة وتعديل الصياغة!

أما الصنف الجديد من المسؤولين، فقد اكتشف اختراعاً اسمه شركات العلاقات العامة، التي أصبح أكثرها من علامات الصحافة الطفيلية أو صحافة القص واللصق، هؤلاء المسؤولون عرفوا كذلك حديثاً ما يعرف بـ«بريس ريليز» أو البيان الصحافي الذي يبدأ بديباجة تشعر القارئ بأن المسؤول يملك حقيبة مفاتيح إطلاق السلاح النووي وتنتهي بعبارات سمجة تجعل من «الفسيخ شربات»، ثم لا تتورع الوزيرة أو الوزير بإبلاغ الصحافي عبر موظفة العلاقات العامة بأن يلتزم حرفياً بما ورد في البيان، وإلا تحمل كامل المسؤولية.. وعلى ماذا ياحسرة؟ عنوان «يكسَر الدنيا» أو «مانشيت» يجعل ذلك اليوم عيداً وطنياً أو ربما قومياً؟!

وماذا بعد.. مازال للحديث صلة!

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة