فساد «الهامبورغر»!!
وفقاً لدراسة أعدها مجلس دبي الرياضي، اتضح أن نسبة 34.3٪ من سكان دبي يمارسون الرياضة، وهذه النسبة تضع دبي بين أفضل خمس مناطق بالعالم في هذا الشأن.
نتيجة هذه الدراسة ليست مستغربة، ومن يتجه نحو ممشى المزهر على سبيل المثال يَرَ بعينه آثار تغيير شامل في عادات وثقافات كثير جداً من المواطنين والمواطنات تحديداً، فهم يشكلون النسبة الكبرى المرتادة هذا الممشى المصمم بطريقة تساعد على ممارسة الرياضة، وبه مسارات خاصة للجري والمشي والدراجات الهوائية، ويبلغ طول المضمار ثلاثة كيلومترات.
التغيير الذي طرأ على سلوك المواطنين نابع من أمور عدة، فالوعي بأهمية الرياضة، وأهمية مكافحة أمراض العصر وأهمها السمنة الزائدة والسكري وأمراض القلب وغيرها، أسهم في زيادة عدد الراغبين في الثورة على السمنة والمرض، هذه الثورة أسهمت دوائر وجهات محلية واتحادية عدة في زرعها بعقولهم منذ سنوات ليست بطويلة، وها هي الآن بدأت تؤتي ثمارها.
الكل يمشي، والكل يمارس الرياضة، والكل خصص جزءاً من وقت يومه لنفسه، وهذا يعني بكل تأكيد أن «اللي يبغى الصلاة ما تطوفه»، فلا العمل ولا البيت ولا الأولاد يشكلون عائقاً أمام من ينظم وقته وجدوله، ويعطي ساعة واحدة من أصل 24 ساعة لصحته ونفسه.
وليس الوعي وحده هو السبب، ولكن هناك عوامل استجدت أخيراً أسهمت بفاعلية في دفع الناس إلى الخروج من منازلهم وممارسة الرياضة في منظر جميل أشبه بالمناظر المنتشرة في أحياء مدن الصين، حيث الشعب الذي يقدس الرياضة ويعتبرها جزءاً من الطقوس الدينية التي لابد من تأديتها صباحاً، من هذه العوامل الخطة التي نفذتها بلدية دبي بإنشاء الأماكن المشجعة على المشي، فلم تكتفِ البلدية بالأماكن الشهيرة المنشأة منذ سنوات طويلة مثل ممشى الممزر أو حديقة الصفا، بل بدأت تلاحق المواطنين في أماكنهم الجديدة لتنشئ لهم الأماكن الخاصة بالرياضة، وهذا كان الدافع الأكبر للناس، صحيح أن مدير البلدية حسين لوتاه واحد من رواد هذا الممشى، لكنه ليس الوحيد، ولم ينشئ الممشى لنفسه، فهناك العشرات بل لا أبالغ لو قلت المئات من المواطنين والمواطنات من مختلف الأعمار والفئات أصبحوا يدمنون ويعشقون هذا المكان، وهذا خير عشق وخير إدمان!
وبقي الدور على الأخ سامي القمزي مدير الدائرة الاقتصادية ليسهم في نشر الصحة بين أطفال «الفرجان»، وذلك من خلال تقييد انتشار مطاعم الـ«فاست فود»، التي غزت المناطق السكنية بعد أن كانت حكراً على المراكز التجارية، صحيح أن انتشارها كان قبل وصول القمزي إلى منصبه مديراً للدائرة، لكنه يملك الفرصة الآن لمنع انتشار المزيد منها، كونه رئيساً لمجلس إدارة نادي الشباب ويهمه بالدرجة الأولى تخريج كوادر وطنية صحية، إضافة إلى كون مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب تابعة لدائرته، ونتمنى منهم عدم التوسع في إعطاء الفرصة لمطاعم الوجبات السريعة في الانتشار في مراكز «أسواق» التابعة لهم، فالهدف من إنشاء «أسواق» هو دعم جيل جديد من رجال الأعمال الشباب من أهالي كل منطقة، وتشجيعهم على ممارسة الأعمال التجارية البسيطة والمتوسطة، لا أن تتحول «أسواق» منافساً للمراكز التجارية الكبرى الموجودة. لا داعي لاستقطاب الشركات العالمية المتخصصة في الـ«جانك فود» لنجعلها قريبة من أيدي الأطفال وسط كل «فريج»، وإلا (لن يصلح المضمار ما أفسد «الهامبورغر»)!