الفرق بين «البراحة» و«دبي»!
شارع صغير فقط يفصل بين مستشفى البراحة في ديرة ومستشفى دبي، لكن القرب الشديد بين المستشفيين في المسافة، لا يعبر إطلاقاً عن الفرق الشاسع في المستوى والخدمة والتطور والمستوى الفني والتقني، الفرق بينهما في هذا الشأن يبلغ سنوات ضوئية طويلة، وهو من دون مبالغة كالفارق بين «مايوكلينك» وأي مستشفى في دولة نامية!
بالتأكيد لا أقصد أبداً أن مستشفيات دبي وصلت إلى العالمية، ولكنها على أقل تقدير تبذل جهوداً واضحة وملموسة في تطوير الخدمات الصحية، وهناك خطوات جادة لتحسين الوضع الصحي، واستقطاب الكوادر، وإنشاء المراكز المتخصصة، بينما يعيش مستشفى البراحة في حالة من الفوضى والضعف الشديد في الإمكانات المهنية والفنية، ولا تتناسب الخدمة التي يقدمها أبداً مع سمعة الإمارة التي يقبع بها، ويقتصر دور المستشفى في كثير من الأحيان على تحويل المرضى إلى المستشفيات الأخرى، لعدم وجود أطباء أو تخصصات أو إمكانات، ومع ذلك يبقى اسمه مستشفى، ويبقى يحتل موقعاً في مدينة دبي.
الفرق الأساسي بين المستشفيين يكمن في التبعية، فـ«البراحة» يتبع وزارة الصحة، و«دبي» تابع لإدارة هيئة الصحة في دبي، ولن أضيف جديداً إذا قلت إن الهيئة تتفوق كثيراً على الوزارة في الإمكانات والكوادر وكل المؤهلات البشرية والفنية.
لا مجال لأن يعترض علينا، أو «يزعل» منا المسؤولون في الوزارة، فالمسألة ليست كلاماً نظرياً، وليست تحيزاً، وليست جدلاً خاضعاً للأخذ والرد، وجولة سريعة في «البراحة» أو في أي من مستشفيات دبي، ستثبت صحة ذلك من دون شك، ليس هذا فقط بل إن مسؤولين «كباراً» في وزارة الصحة يستخدمون علاقاتهم دائماً في تحويل مرضى من «البراحة» إلى مستشفى راشد وغيره لتلقي العلاج، وهذا ما يعتبر اعترافاً صريحاً منهم بضعف المستشفى التابع لإدارتهم.
لذا فإن من المنطقي والطبيعي أن يتم العمل خلال المرحلة المقبلة على تسليم «البراحة» وضمّه إلى هيئة صحة دبي، إن كان المسؤولون في الوزارة يبحثون عن المصلحة العامة، وراحة الناس والمراجعين، وإن كانت مسألة تطوير الخدمات الصحية تتصدر أولوياتهم، ولا شيء غير ذلك.
150 سريراً سعة مستشفى البراحة، لكنها ليست مفعلة بالشكل المطلوب، ومن غير المنطقي أن تبقى هذه الأسرّة معطلة، وغير مستغلة، في حين يواجه مستشفى راشد ضغطاً غير طبيعي، وكذلك الحال في مركز الحوادث والطوارئ، فمن الأولى أن تُضم هذه الأسرّة إلى مستشفيات هيئة الصحة لتستغلها بالشكل الأمثل، لما فيه مصلحة الجميع.
المسألة ليست تقليلاً من شأن وزارة الصحة، بل هي تقليل من الضغط الملقى على كاهلها، فلترمِ به على عاتق هيئة الصحة في دبي، وتتفرغ الوزارة لأمور تخطيطية واستراتيجية أكبر من إدارة مستشفى، أو التركيز على الخدمات الصحية في الإمارات الشرقية التي تحتاج إلى مزيد من عمليات تطوير المستشفيات والعيادات، وتحتاج إلى كثير من المراكز الطبية المتخصصة، فلم لا تركز الوزارة على تلك المناطق وتترك دبي لهيئة الصحة، فهي لا تنقصها الإمكانات والدعم الفني والبشري والمالي؟!