سأمنع عنكم الأخبار
أحيلكم إلى خبر نشر في زاوية «سكيك» أمس، تحت عنوان «مسؤول». يقول الخبر «حذر مسؤول في دائرة حكومية الصحافيين من كتابة معلومات أدلى بها ضيف في إحدى الندوات، ما أثار غضب الصحافيين، الذين طلبوا منه عدم تجاوز صلاحياته، وعدم إملائه إياهم ما تجب كتابته، فرد بغلظة قائلا: «إنهم سيحتاجون إليه لاحقاً وعليهم الاستجابة لطلباته، وإلا سيمنع عنهم الأخبار».
وأعود بكم إلى خبر آخر نشر في الزاوية نفسها بتاريخ 1/5/2009 بعنوان «صحف». يقول الخبر إن «جائزة خليفة التربوية كرّمت الصحف، ولم تكن من بينها «الإمارات اليوم»، وعند سؤال أحد مسؤولي المنطقة التعليمية في أبوظبي، لفت إلى أن الصحف التي تم تكريمها هي الصحف المتعاونة فقط».
هذان مثالان سريعان لنظرة بعض المسؤولين إلى دور الصحافة والمهمة المطلوب منها تأديتها. أن تخضع لأوامرهم وإملاءاتهم في ما تنشر وما لا تنشر، وأن تكون «متعاونة»، حتى تكون مقبولة. ولا نعرف بالضبط ما المقصود بالمتعاونة، وما مفهوم التعاون الذي يدور في رؤوس هؤلاء المسؤولين، ولكننا نعرف أن صحافتنا الوطنية تحضر حيث الحدث، وتحرص على التغطية، وتتواصل مع المسؤولين، وتصر على عرض أفكارهم ووجهات نظرهم، لتكتمل عناصر الخبر والتحقيق، وغالباً ما تكون في موقع اللاهث خلف المسؤول، حرصاً على الدقة وتحرياً للإنصاف. وتجتهد صحفنا المحلية، ربما أكثر من غيرها، في إبراز الإنجازات وعرض الإيجابيات وفرد المساحات لصور المسؤولين ولأنشطة مؤسساتهم. ومع ذلك، فإنها تكون متجاوزة وغير متعاونة إذا حاولت أن تتجاوز النشر البروتوكولي إلى نقل المعلومة، وكشف الصورة لقرائها، وأداء مهمتها بوصفها إحدى قنوات الرقابة المجتمعية.
التكريم الحقيقي للصحافة هو فهم رسالتها، وتفهم دورها، وفتح أبواب التعاون معها، بمفهوم أن الحقيقة والمعلومة ملك للمجتمع والجمهور، بعيداً عن التهديد بقطع التيار عنها، وتجفيف منابع أخبارها، أو تصنيفها بين صحف متعاونة وصحف غير متعاونة، وتوجيه الأخبار للبعض ومنعها عن البعض الآخر. ومسؤولية الصحافة الانتباه لبعض المنتسبين إليها، ممن تحوّلوا إلى موظفي علاقات عامة لدى مصادرهم، فقدّموا صورة زائفة عززت ذلك الاعتقاد المائل لدى بعض المسؤولين.