سهل جداً أن تشتم من شتمك!
أدرك عمرو موسى عند زيارته دبي، قبل يومين، أن الأخبار السلبية التي نشرتها الصحف الأجنبية عن دبي ما هي إلا شائعات ضمن حملة منظمة وواضحة، فقال: «دبي محتفظة بحيويتها، خلافاً لما تداولته تقارير سلبية حولها، وأودّ أن أشيد بنشاط وحيوية وانطلاقة دبي، على خلاف ما هو متداول في الصحافة والإعلام من تقارير سلبية». عمرو موسى لم يصل لهذه النتيجة عن طريق قراءة الصحف المحلية بل شاهدها بعينه خلال زيارته، وأكد ذلك قائلاً: «إنني أرى وألمس إيجابية واستمرارية في نشاط هذه المدينة».
وبالتأكيد عمرو موسى ليس الوحيد الذي تفهّم حجم المعلومات المغلوطة والتقارير السلبية التي أطلقها الكثيرون عن دبي، بعد أن زار المدينة، ولكن هناك المئات من الصحافيين والكتّاب ورؤساء التحرير وصلوا إلى مثل هذه النتيجة، وهذا أفضل وسائل الرد على الحملات المنظمة التي قادتها صحف بريطانيا وانساقت وراءها صحف ووسائل إعلام أخرى في مختلف دول العالم، ومن ضمنها للأسف دول عربية. ولعل رئيس تحرير صحيفة خليجية يكون قد تعلّم درساً جيداً عندما كان يبحث عن طاولة لتناول العشاء في مطعم في «مول الإمارات» فلم يجد، فقال: «كذب من قال إن دبي مدينة أشباح»، هذا الاعتراف يكتسب أهميته لأن الصحيفة التي يترأس تحريرها كتبت هذا العنوان نقلاً عن الصحافة الأجنبية على صدر صفحتها الأولى!
ولعل أيضاً، أحد كبار الكتّاب العرب المشهورين قد تعلّم درساً في التواضع وحسن الأخلاق، بعد أن عامله المنظمون والقائمون على منتدى دبي الإعلامي معاملة «رؤساء الدول»، وأحاطوه بكل احترام وتقدير، في الوقت الذي كان قد تطاول فيه على أهل دبي حين قال: «أعتقد أن الأزمة المالية مفيدة لأنها استطاعت ردّ أهل دبي إلى الأرض، بعدما اعتقدوا أنّ لهم أجنحة يحلّقون بها فوق الأرض»، مع أنني شخصياً ضدّ التعامل بالطيبة الزائدة خصوصاً مع هؤلاء الفلاسفة المنظّرين الذين يعتقدون أننا ـ وأقصد طبعاً كل من يرتدي «الغترة والعقال» ـ لا نفهم بحجم فهمهم، ولا يجب أن نرتقي ونتطور لنصل إلى مستويات لم يسبق لهم أن وصلوها، ولا أعتقد أنهم سيصلونها، ومع ذلك يعتقدون خطأً بأن التطور والثقافة والعلم يجب أن لا ينالها غيرهم، وبالتالي فهم يعتقدون دائماً أن لهم أجنحة ترفعهم عن الأرض التي يجب أن نبقى نحن فقط ملتصقين بها!
هناك طرق كثيرة للردّ على الحملة التي تعرّضت لها دبي، ومع التأكيد على أهمية الردّ العلمي الموثّق بالمعلومة والأرقام كوسيلة لضرب كل التحقيقات والأخبار المغلوطة والمبنية على شائعات، والمكتوبة بطريقة غير مهنية وغير موثّقة، إلا أن الردّ غير المباشر من خلال إبراز النشاط الذي تمرّ به المدينة وسيلة فعّالة أيضاً، ودعوة الأشخاص الذين تهجّموا على دبي أيضاً وسيلة أخرى فضّلتها بعض الجهات، كلها أمور مقبولة، ولكن الأفضل استخدامها جميعها، وبشيء من التنسيق والتخطيط حتى تؤتي ثمارها بشكل أفضل.
أن تردّ الشتيمة على من شتمك فهذا أسلوب سهل، لكنه متخلّف وغير مفيد، لكن أن تحرج من شتمك، وتكشف كذبه أمام نفسه أولاً، ومن ثمّ أمام العالم، فإنك تكون قد علّمته درساً أفضل، ولكن يجب أن يكون ذلك من دون «الطيبة الزائدة» على الحد، التي نتمنى أن نتخلّص منها قريباً.