«شيشة».. و«مدواخ»

بدأت «الشيشة» كما يسميها المصريون، التي هي «الأرجيلة» في «لغة» اللبنانيين، والتي هي أخت «الكدو» عند الخليجيين، بالتسلل إلى مجتمع الإمارات وغيره من مجتمعات الخليج العربي قبل اكثر من عقدين من الزمان. ثم انتشرت هذه العادة السيئة شيئاً فشيئاً حتى صارت المحال والمقاهي التي تقدم هذه الخدمة الخبيثة تنافس محال البقالة و«الدوبية» وكافيتريات الوجبات الهندية السريعة.

وبعد ان ترسخت أقدام «الشيشة» في المكان، وصارت تحتل الارصفة، وتوجد في الأحياء بترخيص رسمي، بدأت بالمرحلة الثانية من عملية تسللها لتفرض نفسها ظاهرة اجتماعية عامة لا يختص بها الرجال فقط، وليست حكراً على الكبار دون الصغار. فدخلت النساء على الخط، فكانت البداية في السر، داخل البيوت، أو في الكبائن المغلقة داخل المقاهي، ثم تطورت على استحياء لتصل الشيشة «معمّرة» الى سيارات محجوبة بالمخفي اتخذت من الرصيف المجاور للمقهى موقفاً لها.. إلى ان وصلنا الى فسخ برقع الحياء، على حد وصف عجائزنا، فصارت النساء، ومن باب المساواة والندية مع الرجل، تحجز طاولات في المقاهي يتحلّقن حولها، وينافسن غرماءهن الرجال في نفث الدخان. ووصلت العدوى الى المراهقين من الاولاد.. وكذلك من باب المساواة الى المراهقات من البنات.

الآن.. توسعت الدائرة وانضم الى «الشيشة» «المدواخ» متجاوزاً نفق الزمن، ومحيياً تراث الآباء والأجداد حسب مروّجيه ومعاقريه. واذا كان الاجداد قد أوقفهم «اكتشافهم» عند حدود التبغ بنكهته الطبيعية، فإن الاحفاد، وسيراً مع ثقافة «الشيشة» العصرية ارادوا تبغ «المدواخ». بنكهات تسجل تميزاً على نكهات «الشيشة». فلم تبخل عليهم محال «الدوخة والمدواخ»، التي بدأت هي الأخرى في مزاحمة متاجر بيع الهواتف المتحركة، في اختراع نكهات جديدة تبدأ من الفلفل ولا تنتهي عند «العرق سوس» و«الكركديه».

وكما اننا لا نقبل بأن يسجّل علينا أحد أهدافاً من دون أن نردّها، فقد رددنا الكرّة على اخواننا العرب الذين اتحفونا باختراع «الشيشة»، فبلوناهم بـ«المدواخ» كما بلونا بـ«الشيشة».

 

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة