5 دقائق

رائعة هي المبادرات عندما تصدر منا، قبل أن (يتفلسف) علينا الآخرون ويجبرونا على استنساخها لغايات في أنفسهم لا يعلمها إلا الله وخبراء البروتوكولات، بروتوكولات الحكماء بالطبع.

ومن تلك المبادرات خدمة «الخط الساخن» تحت رقم 800700 الذي أطلقته دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة تحت جملة تستفز نخوة وشعور المتلقي وهي «كف عن إيذائي» لحماية الأطفال من الإيذاء والاعتداء الجسدي تحت ذرائع التربية أو تحت ذريعة «أن رؤوس الأطفال ناشفة».

بالطبع مازالت (قُبّل) الخيزران وعقال الآباء والأجداد كأوتوغرافات تزين جلود الكثير منا ولكن كم تدمع أعيننا عندما نتذكر أنها كانت تربوية فعلاً لذلك الجيل المربي وأن أعوادنا لم تستقم إلا بها، ولكن جيلنا مشوه التفكير والتوجهات أساء استخدام هذه السلطة وحولها الى أداة للانتقام من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بل وربما ينتقم البعض من ازدحام المرور فيفرغ شحنات عصبيته على تلك الأجساد الصغيرة.

وقد كشفت محصلة العام الماضي عن 403 بلاغات 55٪ منها اعتداءات جسدية بأنواعها، 22٪ حالات إهمال جسدي، 14٪ اعتداءات جنسية و9٪ اعتداءات عاطفية وهذه الأرقام من لقاء سابق لمدير الدائرة السيدة عفاف المري.

على أن الأسئلة التي تبقى تحوم كروح الظالم ولا نجد لها إجابات كثيرة ومربكة:
عندما نرى أطفالاً لا يبلغون الثالثة من العمر يحضرهم ذووهم الى السهرات التي تمتد حتى الفجر في الفنادق والملاهي ويسعدون برؤيتهم يتمايلون على الطاولات، إلى من نشتكي؟
عندما نرى رب أسرة يستخدم ألفاظاً يخجل الكبار من سماعها أمام براعم في سن التلقين والتلقي، بلا خجل ولا حياء ولا مسؤولية، بأي رقم نتصل؟!
عندما تترك المرأة قنوات الرعب والأفلام السوداء مفتوحة وتشاهدها طفلة فتمتلأ أحلامها دماء ورؤوساً مقطوعة، وينتج جيل معقد لا يعرف الابتسامة، أين نعبئ لائحة الشكاوى؟
حين نعلم أن أسرة من أربعة بالغين يعيشون في شقة مغلقة ويدخنون ليل نهار ولهم طفل يتجه بخطى حثيثة إلى حفرة الربو، من سيقبل دعوانا ضدهم؟!
عندما نرى ولي أمر يشرع الكذب أمام ابنه بأن يعده بكذا وكذا، ثم يقول أمام دموع طفله بكل صلف: لقد كذبت عليك، فما الجهة المسؤولة؟!
وآلاف الأسئلة التي لايمكن الاجابة عنها ولا تملك جهة السلطة أو الرقابة أو المتابعة، إلا إذا كانت ذاتية، وبالطبع فإن العصا من العصية ولا تلد الحية إلا الحية.
«النغير»، طائر كان في يد أحد صبية المدينة يلهو به.
خلده تاريخنا بقصص طريفة ورؤى تربوية خالدة، عندما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، يسأل عنه تقرباً وحباً لأطفال أصحابه، استخرج من قصته، على بساطتها، ابن القاص الفقيه أحمد الطبري 60 فائدة وحكماً في التعامل مع الأطفال، ليت القارئ الكريم يطلع عليها، لنعلم أن مثل هذه التوجهات والدعوات أصيلة (لدينا) قبل أن تكون مستوردة من (لديهم).

 

SHWAIKH@EIM.AE

الأكثر مشاركة