الأرخبيل المنسي

علي العامري

جزر القمر دولة عربية منسية في المحيط الهندي، مع أنها، وحسب المعلومات القليلة المتداولة، بلد جميل لديه من الإمكانات ما يؤهله ليكون في أولوية الخارطة السياحية العربية، ليس للتنزه فقط، بل للتعرف إلى أرخبيل عربي مهجور من العرب أنفسهم، كما لو أن اسم جزر القمر جعلنا نعتقد بأنها ليست على الأرض.

جزر القمر التي انضمت إلى جامعة الدول العربية عام ،1993 وهي تتكون من أربع جزر، وبعد احتلالها من فرنسا عام ،1841 أعلنت استقلال ثلاث منها، من الاحتلال الفرنسي عام ،1975 وتطالب بالرابعة.

نعم، هناك أرض عربية أخرى محتلة، غير فلسطين والعراق والجزر الإماراتية ومزارع شبعا والجولان.

ماذا نعرف عن الثقافة القمرية؟ هل نعرف شيئا عن الشعر والفن التشكيلي والسينما والمسرح والموسيقى في تلك الجزر؟ ماذا نعرف عن جغرافية تلك الأرض وتراثها وشعبها؟

معلومات شحيحة جداً نكاد نعثر عليها عن تلك الأرض العربية المنسية في ذلك المحيط، حتى عبر الإنترنت، لا نجد سوى القليل من المعلومات الموثوقة عنها باللغة العربية، والغريب أيضا حتى الموقع الرسمي لمنظمة السياحة العربية التابع لجامعة الدول العربية يخلو من المعلومات عن جزر القمر، وكلما ضغطت على أيقونة ظهرت عبارة «نأسف لعدم توافر بيانات». هل يعقل هذا الأمر، في حين نجد معلومات عدة عن الجزر، ولكن باللغة الفرنسية وكذلك الانجليزية.

الارخبيل المنسي عربيا، يتكون من تشكيلات بركانية صعدت من مياه المحيط، ولايزال بركان كارتالا في تلك الجزر نشطاً، يتململ بين الفينة والأخرى، لكن حركة العرب للتعاون مع جزر القمر لاتزال خامدة. ماذا ننتظر حتى «نستكشف» تلك البلاد التي تشتهر بثراء مقوماتها الثقافية والسياحية والاستثمارية، وهي موطن لأشجار عطرية، حتى أنه يمكن وصفها ببلاد البراكين المعطرة، ومن بين أشجارها «يلانغ يلانغ» التي تستخرج من زهورها أجمل العطور الفرنسية التي تصدر من فرنسا إلى جميع بقاع الأرض، وكان مؤرخون وجغرافيون عرب، من بينهم الإدريسي والمسعودي وابن خلدون ذكروا جزر القمر، وأشاروا إلى عطورها وأحجارها الكريمة. وشهدت منذ القرن السابع الميلادي وفود عرب إليها، إلا أن إحدى المخطوطات اشارت إلى وجود عربي في الأرخبيل قبل الإسلام.

ولاتزال جزر القمر التي تتلألأ بحزن تحت القمر الذي أخذت اسمها منه، تصنف واحدة من أكثر البلاد فقرا في العالم، على الرغم من أنها كنز في كل المجالات، إذ إنها تجمع التكوينات البركانية مع الشواطئ البكر برمالها البيضاء والغابات والنباتات العطرية، وتنتشر فيها اللغات العربية والفرنسية و«شيقمر» السواحلية، ويذكر أن أهلها لايزالون متمسكين بتقاليدهم العربية، إذ إن لباسهم يشبه اللباس العماني واليمني.

وبعد، هل تبقى عيوننا مغمضة، وتبقى جزر القمر في كراس النسيان العربي؟

 

ali.alameri@emaratalyoum.com

تويتر