القدس في عيون الأطفال

هل سنبقى نردّد «القدس عربية» من دون أن نقوم بخطوات عملية لدعم هويتها وصمود أهلها وثباتهم على أرضهم، على الرغم من سياسة التهويد التي لم تتوقف لحظة، ولم تتهاون كل حكومات الاحتلال الإسرائيلي في مواصلة تهويد هذه المدينة التي ستبقى ضوءاً لا ينطفئ في وجدان العرب والمسلمين والمسيحيين، في كل بقاع الأرض.

القدس تعاني من الاحتلال والحصار والخنق ومحاولات محو هويتها، ويقوم الاحتلال ببناء أحياء يهودية فيها، ومستوطنات في أطرافها، إضافة إلى هدم بيوت الفلسطينيين فيها ومنعهم من توسيع الأحياء العربية فيها.

ماذا فعلنا للقدس، المدينة العربية منذ أكثر من 5000 سنة، والتي كانت تسمى «أور سالم»، أي مدينة الإله الكنعاني «سالم»، أو «مدينة السلام»، كما أنها أخذت اسم «يبوس» نسبة إلى العرب اليبوسيين.

وفي مناسبة الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية ،2009 أقيم بعض الفعاليات في دول عدة، ولكن هل هذه الاحتفالات مجرد «رفع عتب» في مناسبة تمر مثل كل المناسبات، أم أن المطلوب من العرب والمسلمين والمسيحيين أكثر من ذلك، من خلال خطوات عملية في جميع المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، لتبقى هوية القدس عربية، إذ إنها تواجه طوفاناً من التهويد، لا يتوقف، إذ إن الاحتلال الإسرائيلي يكثف سياسته التهويدية للقدس التي تضم أبرز المعالم التاريخية والدينية، من بينها المسجد الأقصى ذو القبة الخضراء، ومسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية وكنيسة القيامة وحائط البراق.

ولنتساءل، على سبيل المثال، كم جائزة أدبية وفكرية ومعمارية تحمل اسم القدس، وكم شارعاً عربياً يحمل اسم القدس، وكم كتاباً مدرسياً أو جامعياً عربياً يتضمن فصلاً عن مدينة القدس، وكم صندوقاً عربياً أنشئ لدعم القدس، وكم مدينة عربية وقعت اتفاقية توأمة مع القدس، وكم كتاباً عربياً صدر عن القدس ووثائقها وتاريخها ومعالمها، وكم لوحة عربية عن القدس، وكم مسرحية أو قصيدة أو قصة أو رواية عن القدس؟

هل فعلنا شيئاً حقيقياً للقدس، أم سنبقى نردد بصوت مبحوح «القدس عربية»، في حين جرافات العدو الإسرائيلي تهدم البيوت العربية فيها، وتحاصر الصلاة فيها، وتغلق المراكز الثقافية الفلسطينية فيها، وتخنق «الهوية العربية» في هذه المدينة التي واجهت في تاريخها عدداً من الغزاة، لكنها طردتهم الواحد تلو الآخر.

ضمن الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية، بادرت لجنة التنسيق الفلسطينية العربية للاحتفالية، بإعلان مسابقة رسم بعنوان «القدس في عيون الأطفال»، موجهة للأطفال العرب الذين سيرسمون القدس كما يرونها أو يحسون بها. وبطريقتهم، سيقولون ما عجز «الكبار» عن قوله عن القدس، مدينة الروح، التي أعلنت في العام 1988 عاصمة لدولة فلسطين في وثيقة الاستقلال التي صاغها الشاعر الراحل محمود درويش. ولكن، لم يخرج هذا الإعلان من حالة «الحبر».

ali.alameri@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة