من المجالس
كثرة الهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية وشبه الحكومية، تعني كثرة في فرص العمل وعدد الوظائف المتاحة للمواطنين. وكثرة مجالس وهيئات ومؤسسات التوطين المحلية والاتحادية تعني زيادة في نسبة التوطين وانحساراً في عدد العاطلين من المواطنين. ولكن هذه المعادلة تحدث عندنا بالمقلوب. فكلما زاد عدد الهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية وشبه الحكومية زاد عدد المواطنين الباحثين عن وظيفة، وتضخمت سجلات العاطلين، وطالت قوائم المنتظرين. فهذه الجهات الجديدة تبدأ العمل بهياكل وظيفية جديدة وسلم رواتب عالية، ولكن أغلب هذه الوظائف يذهب إلى غير المواطنين، إلى درجة أن الكثير من هؤلاء يجد فرص الاختيارات أمامه مفتوحة ومتعددة، وتدير الدرجات العليا والرواتب العالية وجهها عن المواطن لتذهب إلى غيره. ومن يعتقد غير ذلك فلينظر إلى سجلات وهياكل هذه الهيئات والمؤسسات والشركات ليشهد النسبة، وليفاجأ، كما يفاجأ كل المواطنين بسرعة إشغال الوظائف في هذه الجهات قبل الإعلان عن قيامها، حتى يصل إليها طالب الوظيفة المواطن ليرى أن الطيور طارت بأرزاقها، ويسمع العبارة البغيضة، القديمة الجديد، لا توجد شواغر. فأين ذهبت هذه الشواغر الوظيفية؟ ولمن ذهبت؟
أما مجالس ومؤسسات التوطين فتبدو أنها بعد كل هذه السنين لاتزال في مرحلة رصد الأوضاع ودراسة السوق واستلام الطلبات! وكلما استجد مجلس أو مؤسسة للتوطين تآكلت مساحة التوطين، وارتفعت آهات العاطلين. بل إن العديد من المؤسسات والشركات الحكومية وشبه الحكومية، والخاصة التي تعيش على المشروعات الحكومية صارت أكثر جرأة في «تفنيش» المواطنين تحت مرأى ومسمع من هذه المجالس، وبقرارات من إدارات الموارد البشرية التي غالباً ما يكون على رأسها أجانب.
هذه الحال المغلوطة يجب أن تُصحح، وهذا الوضع المعكوس يتطلب التعديل. فإذا كانت الوظائف الحكومية عاجزة عن استيعاب المواطنين هل يمكن مطالبة القطاع الخاص بجعل التوطين أحد أولوياته؟