ملاحظتان على نتائج الثانوية..

سامي الريامي

ليست المدرسة وحدها هي معيار تفوق الطالب، وليست المدارس «الغالية» هي التي تفرخ العباقرة والأذكياء، كما أن مدارس القطاع العام ليست كلها سيئة.

نتائج امتحانات الثانوية العامة التي أعلنت أول من أمس، برهنت على قضيتين أعتقد أنهما غاية في الأهمية، الأولى تتركز في «ذات» الطالب أو الطالبة، هذه الذات هي المحك والمحرك الأساسي لجميع عمليات التطوير، لا يهم نوع المدرسة عامة أم خاصة، كما لا يهم موقعها في أي مدينة، ولا يرتبط الأمر كثيراً بسعر الفصل الدراسي، بل إن توافر العزم والإرادة لدى الطالب نفسه، ومن دون أية ضغوط مدرسية أو منزلية، هو المهم في هذه المسألة.

وبالتالي، فإن معيار النجاح هو في الكيفية التي تترسخ فيها قناعة الطالب أو الطالبة، بأهمية تطوير ذاته والعمل بمفرده على تجاوز الصعوبات كافة، المهم غرس الإرادة والعزيمة في نفسية كل طالب، بعد ذلك تأتي جميع الأمور الأخرى المكملة، بدءاً من المدرسة، وانتهاءً بوجود الدعم المعنوي والمادي الخارجي.

سيف الفلاسي، وميس حمودة هما مثالان مشرفان لا يستحقان مزيداً من البحث والدراسة لإثبات أن الإرادة والعزم والطموح هي أهم خطوات النجاح، فالاثنان حبيسا الظلام، فاقدانِ لأهم نعمة من نعم الله على الإنسان، إنها نعمة البصر، ومع ذلك حصل سيف على مجموع 96.8٪، وميس حصدت المركز الرابع على مستوى الدولة، والمركز الأول على مستوى إمارة عجمان، بمجموع قدره 98.6٪.

كفيف وكفيفة تفوقا على عشرات الآلاف من الطلبة الأسوياء، ألا يدعو ذلك إلى التأمل؟ هل المدرسة هي السبب في ذلك؟ قد يكون، وهل البيت واهتمام الأسرة هما سبب التفوق؟ أيضاً جائز، ولكن قبل هذا وذاك، إنها الإرادة الشخصية لسيف وميس.

ميس بالذات ظهرت علامات تفوقها منذ الفصل الدراسي الأول، وحصلت على نسبة 97٪، وأذكر أن «الإمارات اليوم» سلطت الضوء على تجربة نجاحها، فتكفّلت برعايتها سمو الشيخة هند بنت مكتوم آل مكتوم، وهذا يعني أنه في حالة وجود الإرادة والعزم الداخليين، ودعمهما باهتمام ورعاية خارجيين،فإن النجاح والتفوق هما النتيجة الطبيعية المباشرة لتوافر هذه العناصر.

القضية الأخرى اللافتة في نتائج الثانوية العامة، بغضّ النظر عن تحليلها بكثير من المسببات والمبررات، هي تفوّق طلبة مدارس القطاع العام على طلبة المدارس الخاصة، فالنتائج تشير إلى أن نسبة النجاح في المدارس الحكومية بلغت 85.99٪ في العلمي، و70.33٪ في الأدبي، بينما جاءت نسبة النجاح في المدارس الخاصة في العلمي 78.17٪ وفي الأدبي 71.20٪، وهذا الأمر بالذات بحاجة إلى كثير من البحوث والدراسات للوقوف على مسببات ذلك!

عموماً المدارس العامة ليست سيئة كما يعتقد كثير من الناس، ولو تم التركيز عليها في الفترة المقبلة بشكل أكبر فإنها من دون شك ستستقطب أعداداً كبيرة من طلبة المدارس الخاصة التي بدأت في الآونة الأخيرة تفقد الكثير من مزاياها، بعد أن ركز معظمها على تعظيم هامش الربح فقط، فتحولت إلى مدارس «تجارية» في المقام الأول، فكانت النتيجة الطبيعية أن نسبة النجاح انخفضت فيها بشكل لافت، فهل تعيد المدارس الخاصة ترتيب أولوياتها بعد هذه النتيجة؟!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر