نهاد ودريد

قيس الزبيدي

عرف تاريخ السينما الثنائي «بد ابوت ولو كاستيلو» والثنائي «لوريل وهاردي»، الذين كانوا في سنوات الأربعينات والخمسينات من أكثر نجوم هوليوود شهرة في عالم السينما الكوميدية، ولم تكن سلسلة أفلامهم، بعد أن اعتزلوا، قابلة للاستعادة والاستمرار. واليوم نقرأ في تاريخ ثنائية سورية، نجحت في التلفزيون السوري والعربي، ونجحت في السينما، أيضا، ولم تعد، بغياب نمطهما، قابلة للتكرار.

في كتاب «نهاد ودريد ـ الفن السابع 2007»، للناقد بشار إبراهيم، نتعرف إلى ظاهرة فريدة لفنانيّن، في محاولة لرؤية الظروف الذاتية والموضوعية التي ولدّتها وجعلت منها انعطافة فنية فريدة، وهو إذ يكتشف خفاياها في ذاكرة الفن والحياة، يرصد، أيضاً، مسيرة الفنان دريد لحام في مرحلة يسميها «ما بعد نهاد قلعي» وهي المرحلة النوعية الفنية، التي خرج فيها الفنان من معطف غوار وإساره، واستمرت في السينما وفي التلفزيون وتستمر حتى الآن.

بدأت شهرة الثنائي «غوار الطوشة وحسني البورظان» مع أوبريت «عقد اللولو» التي صورها التلفزيون وبثها في العام ،1961 وقُدمت بعد ذلك أول أعمالهما في مسلسل «مقالب غوار» ومسلسل «حمام الهنا». وقتها لفت نجاح مسلسلاتهما «تلفزيون لبنان والمشرق» وتبنى توزيعها على المحطات التلفزيونية العربية، ما جعل مسلسل «صح النوم» يحقق نجاحا جماهيريا عربيا ليس له مثيل.

عندما دخل الفنانان المغامرة الفيلمية، كانت السينما السورية، عموما، في بداياتها واستمرا يمثلان سوية في نحو 24 فيلماً لحساب القطاع الخاص، أي بمعدل فيلمين أو ثلاثة أفلام في العام الواحد. ورغم النجاح والشهرة، التي اكتسباها، نجد الفنان نهاد قلعي يعترف بأن تلك الأفلام كانت سطحية، تتوجه لجمهور أفسدته السينما المصرية «كنا نأخذ النصوص من كتاب سيناريو مصريين، ونعدّل فيها ولم يتعامل معنا منتج أو مخرج جيد، ورغم أن تجربتنا في السينما كانت فاشلة إلا أننا أوجدنا صناعة سينما في سورية».

في حوار طويل مع الفنان دريد لحام حول رحلة البحث عن غوار ورحلة التخلص من غوار، يقول دريد «باكورة أفلامنا كان «عقد اللولو»، وكنا أنا ونهاد غير معروفين، «كان إرسال التلفزيون لا يصل لأبعد من دمشق، واضطر المنتج أن يأتي بالنجمة المطربة صباح والمطرب المشهور فهد بلان، لكي يسوّق الفيلم، الذي ينتجه، وبعد نجاحه أخذ المنتجون، يعتمدون على اسميهما كثنائي، ويصنعون لهما سلسلة أفلام، حققت النجاح والشهرة «حينما تخلصت من إسار غوار حققت أفلامي الثلاثة (الحدود) و(التقرير) و(الكفرون)، ولم أعتمد في أي منها على حضور نجوم من مصر، ومع ذلك نجحت جماهيريا وحققت حضورا في مصر ونالت عددا من الجوائز». نقرأ في مقابلات الناقد الطويلة مع الفنان دريد لحام حواراً ليس مألوفاً، ونكتشف في أسئلته وجدله معه معرفة تامة بأعمال الثنائي وبأعمال دريد لحام، معرفة تنطلق من رؤية تحليلية، فكرية وفنية، تشمل كل مسلسلات الثنائي ومسرحياته وأفلامه وكل أعمال دريد الخاصة، لتستطيع في النهاية أن تدفع بالجدل المتنوع أن يصل بنا إلى أبعد من المحطة، التي نتوقعها من عنوان الكتاب.

alzubaidi0@gmail.com

تويتر