هيئة المسرح العربي

علي العامري

يأتي تأسيس الهيئة العربية للمسرح بمثابة بارقة أمل للثقافة عموما، وللمسرحيين العرب خصوصا، لأن المسرح لغة تعبر عن قضايا الإنسان وأسئلته، وتجسد في الوقت ذاته أحلامه وتطلعاته، وتنمي العين النقدية لدى المشاهد، إذ يعد المسرح أداة تنويرية وجمالية في الوقت ذاته. وحددت الهيئة أولوياتها منذ انطلاقتها في مايو من العام الماضي، لتكون جسراً بين المسرحيين العرب من جهة، والمسرحيين في العالم من جهة ثانية، لكن المهمة الأساسية لها أنها تمثل «جامعة الخشبة العربية»، تتفاعل مع الواقع وتمد المشتغلين بالمسرح بأمل جديد للوحدة المسرحية، كما يعبر الأمين العام للهيئة إسماعيل عبدالله المعروف بجديته وخبرته ومواظبته على تحقيق فعل مسرحي، منذ كان طالبا في جامعة الإمارات في بداية الثمانينات ومسيرته في «المسرح الحر» في الجامعة. وهو يؤكد أن «الثوابت التي تمتلكها الهيئة العربية للمسرح تكفل لها ضمانات الاستقلالية في أنشطتها وفعالياتها وإصداراتها ومهرجاناتها وملتقياتها الفكرية والإبداعية والمادية».

وتأمل الهيئة التي تواصل التخطيط لعملها على صعيد الوطن العربي أن تحقق ما عجزت السياسة عن تحقيقه، بأن تحقق الوحدة العربية على الخشبة، وقد نجحت في تنظيم الدورة الأولى من مهرجان المسرح العربي في القاهرة، وتستعد حاليا لإقامة الدورة الثانية في تونس في أثناء احتفالية بمئوية المسرح في تونس.

وتأتي «مجلة المسرح العربي»، والتي يصدر عددها الاول في يوليو المقبل، تجسيداً لرؤية الهيئة في توثيق الفعل المسرحي، وتعزيز الثقافة المسرحية، والتواصل بين «الخشبات» العربية والمشتغلين فيها، كما أن مسابقة التأليف المسرحي لفئتي مسرح الاطفال والكبار، والتي تمت زيادة قيمة جوائزها، لتكون محفزة لإنتاج نصوص مسرحية، إذ إن الهيئة تعي التحديات التي تواجه المسرح العربي، ومن بينها ندرة النصوص، وهي من خلال المسابقة تسهم في تزويد الخشبة بنصوص جديدة ذات مستوى جيد.

وفي خطوة جديدة، شكلت الهيئة 16 مكتباً لها في الدول العربية حتى الآن، من بينها مكتب في جزر القمر، هذا الأرخبيل الذي يعاني النسيان أو التجاهل العربي، لكن الهيئة تؤكد من خلال تشكيل مكتب لها هناك أنها ساعية بصدق إلى تجاوز عراقيل السياسة، وتعمل على تعزيز الهوية العربية وخصوصيتها، وتحقيق رسالة الخشبة.

واللافت أن المكاتب القُطرية التي شكلتها الهيئة تضم 91 مسرحياً عربياً، أي أنها أوكلت مهمة تفعيل الحياة المسرحية لأهلها، وهي بذلك تؤسس لمراكز تمتد بينها جسور للتواصل والتفاعل مع بعضها بعضاً، عبر الأمانة العامة في الشارقة.

ولم تنس الهيئة في خططها تنظيم ورش مسرحية، لإداركها أهمية التدريب والتفاعل بين التجارب المسرحية، علاوة على تعاونها مع هيئات ومؤسسات ثقافية ومسرحية عالمية، كما أنها تعمل على نشر الثقافة المسرحية والنقدية من خلال إصدارات كتب ودراسات، إضافة الى سعيها إلى إنجاز توثيق للحياة المسرحية العربية من خلال الصور والكتب والمجلة.

مهام عدة أمام الهيئة العربية للمسرح، وهي تدرك ذلك، لكنها تفتح باب الأمل لمشروع مسرحي جديد، يمثل بصمة مضيئة في عالم الخشبة.

ali.alameri@emaratalyoum.com

تويتر