«الإمارات اليوم»: غابت الصحيفة وحضر الوطن
تعود «الإمارات اليوم» إلى الصدور، بعد تعطيل قضائي دام 20 يوماً قاسياً على فريق تحريرها وقرّائها. أيام طويلة، وشديدة الضرر، ولا عزاء فيها سوى حملة التضامن والمؤازرة الواسعة التي تميزت هذه المرة بأنها إماراتية أولاً، تدافع بحبّ وولاء عن هذه البلاد ومناخها المنفتح والمتسامح، وتحرص على سمعتها وحداثتها ومستقبلها الذي يليق بدولة حيوية قادرة على التكيّف مع الحياة بتشريعات عصرية ومتقدمة، لا تعطل صدور صحيفة، ولا تغلق نافذة أمام ضوء.
تعطل صدور «الإمارات اليوم» وافتقد كثيرون حضورها اليومي ونكهتها المختلفة في صباحاتهم، لكنّ روح هذه البلاد التواقة إلى المعرفة وقدسيتها لم تتعطل عن التكاتف والوقوف مع صحيفة محلية شابّة، فتحت صفحاتها طوال السنوات الماضية لقضايا الناس، وكانت مرآة لكل نجاح، مثلما كانت صفحة تسجل كل ألم ومعاناة لمريض أو محتاج، وستظلّ سجلاً لدولة يتسابق قادتها إلى خدمة مواطنيها ومقيميها.
تغيب الصحيفة، وقد غابت احتراماً للقضاء، ولكن الأهم أن يحضر الوطن، وقد حضر بوجهه الجميل. وفي كل محنة يبزغ ضوء، ويطلع أمل. فالحملة الوطنية المتضامنة على مدى 20 يوماً من القراء والصحافة المحلية وجّهت الأنظار بوضوح وعمق إلى مصلحة الإمارات: المكان أولاً وأخيراً، من خلال ضرورة إعادة النظر في القوانين والتشريعات التي تحمي الصحافة من التعطيل والإغلاق، لأن بلادنا تحقق كل يوم قفزة جديدة في شتى مجالات التطور والرقيّ، وتستحق أكثر من غيرها قوانين عصرية، فـ«في سباق التميز لا خط للنهاية أبداً».
صحف الإمارات اعتبرت أن لا أحد بمأمن من القانون الذي يبيح الإغلاق والتعطيل واستخدام الشمع الأحمر مع مؤسسات تنتج المعرفة وتسوّق الأفكار والآراء. فالزميلتان «الخليج» و«غلف نيوز» نظرتا إلى تعطيل «الإمارات اليوم» من عين السؤال الكبير عن «مدى صلاحية قانون للتطبيق في زمن التنمية والطموح» الذي تعيشه الإمارات، ذلك أن «تعطيل الصحف عقوبة تتجاوز مرتكبي المخالفة، إن وجدت، وتصل إلى القراء جميعاً، والناس جميعاً، وبهذا تتحول إلى عقوبة جماعية، مما لا يجوز»، وفقاً لافتتاحية كتبتها الزميلة «الخليج» في اليوم الأول لسريان قرار المحكمة الاتحادية العليا ضد «الإمارات اليوم».
ما نريده اليوم يتجاوز مطالب صحيفة إلى مصلحة خالصة لهذه البلاد العزيزة، التي يتمسّك كل من يعيش فيها بالأمل والثقة بأنها قادرة على تجديد مناخها التشريعي ومراجعة قوانينها القديمة.
لقد تجرعت الصحيفة مرارة التعطيل. لكن لابدّ لكل نجاح من ثمن، وقد دفعت «الإمارات اليوم» ثمن قوانين قديمة، تجاوزها العصر، كما تجاوزتها بلادنا المسرعة بكل ثبات وجرأة إلى المستقبل.
وقد كانت مرارة لا نريدها لغيرنا، وثمناً لا نودّ أن تدفعه أية صحيفة محلية في مقبل الأيام، فنحن من معاوِل البناء في هذه البلاد الخيّرة، ونستمدّ من عزيمتها كل إصرار على أن نواصل دون وهن ما بدأناه قبل 1386 عدداً من صحيفة تحمل اسم الإمارات، وتفخر به. صحيفة منذورة للإنسان المواطن والمقيم على هذه الأرض التي يكتب فيها خليفة بن زايد آل نهيان، ومحمد بن راشد آل مكتوم قصة زهوٍ، تُدهش كل الرواة.