من المجالس
معتمرو رمضان وحجاج هذه السنة أمام سؤال صار يكبر مثل كرة الثلج من دون أن يجد له جواباً شافياً.. هل يمكن أن تتم المناسك، لمن يرغب، وسط الحديث المتزايد بشأن أنفلونزا الخنازير؟ وزراء الصحة العرب أوصوا بمنع كبار وصغار السن من الذهاب إلى الأراضي المقدسة اتقاء للمرض، من دون أن يتخذوا قراراً واضحاً في هذا الشأن. والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالدولة «أجازت» منع الفئتين من أداء الحج للسبب نفسه، تاركة اتخاذ مثل هذا القرار لسلطات أخرى تملك صلاحية اتخاذ القرار. والناس، أصحاب العلاقة، لايزالون غير متأكدين من نواياهم، لأن الصورة بشأن المرض غير واضحة على جميع الصعد العالمية، لا على صعيد أداء فريضة الحج فقط. الغموض عندنا جزء من الغموض العالمي. والعالم تتنازعه الآراء والمواقف، فحتى منظمة الصحة العالمية رفعت يدها عن مسألة إحصاء عدد المرضى مكتفية برفع وتيرة القلق والتحذير من «كارثة». بينما تقف فرنسا في موقف مخالف لهذا التصعيد وترفض إيصال مؤشر التحذير من المرض إلى اللون الأحمر، ويواصل علماؤها انتقاد عمليات «التخويف» والبلبلة التي تجتاح العالم بسبب هذه الأنفلونزا التي يقولون «إنها مجرد زكام»، وبسبب عمليات التخويف والبلبلة التي اجتاحت العالم في بداية الصيف، وجرفتنا كالعادة معها، أدى الغموض إلى إقدام الكثير من الناس على إلغاء سفرهم، وارتباك إجازاتهم، من دون أن تكون الصورة واضحة لديهم غير صورة الموت وأخبار الفزع التي حاولت منظمة الصحة العالمية من خلال تمريرها رفع العتب عنها وتبرئة ساحتها لو حدث ما لم تحمد عقباه لا سمح الله، وعلى مبدأ تبرئة الذمم يبدو الموقف من حج المسنين والأطفال، من دون أن تبدو واضحة الحيثيات التي يستند إليها أي قرار قد يتخذ في هذا الشأن. الموضوع بحاجة إلى روية أكثر قائمة على دراية أكبر بعيداً عن الحشر مع الناس والركض مع الراكضين. وامتناع الكثير من الناس عن إتمام برامج إجازاتهم خلال الصيف بسبب «البلبلة والتخويف» قد لا يكون مثل حرمان الكثيرين ممن نووا أداء الفريضة وأعدوا عدتهم لها، وربما وقفوا في صفوف المنتظرين سنوات طويلة. الوقاية مطلوبة، وحبذا لو تكون بلا ضرر ولا ضرار.