من المجالس

في صفحات الحوادث التي تنشرها الصحف المحلية كل يوم العديد من الجرائم.. تتدرج من النشل و«ضرابات» المراهقين، إلى الاغتصاب والقتل. أكثر هذه الجرائم من فئة «الجرائم المستوردة»، التي دخلت علينا من أبواب الهجرة المفتوحة على مصاريعها. وبالرغم من بشاعة بعض هذه الجرائم فإنها لا تستوقف الرأي العام بدرجة كبيرة، ولا تشكل صدمات تدمي القلوب لأنها مثل أشياء أخرى كثيرة مستوردة قبيحة، ولكنها تجد ما يفسرها ويعيدها إلى مرجعيتها.

في السنوات الأخيرة ظهرت بعض الجرائم من صنع محلي، أطرافها أو بعض أطرافها مواطنون، خصوصاً من فئة الشباب. تتنوع هذه الجرائم من معارك عصابات «الفرجان» إلى هتك العرض والاعتداءات الجنسية، حتى وصلت إلى مستوى القتل. وبالرغم من أن هذه الجرائم لاتزال تصنف كحالات فردية، فإنها تشير إلى ظهور أوضح للتغيرات، وتأثير أكبر للصدمات الاجتماعية والثقافية التي يتلقاها مجتمع الإمارات منذ بداية الطفرة الاقتصادية قبل أكثر من 30 عاماً، وبدأت ترشح نتائجها الآن.

الأمن عندنا يتطور، وأدواته تتقدم، وأجهزته تكبر وتتوسع، وإنجازاته نجحت إلى حد كبير في تحقيق الأمن النفسي والشعور بالطمأنينة على سلامة وأمن المجتمع. ولكن «الأمن» بحاجة إلى يد أخرى تصفق معه، بحاجة إلى أن تطور الأجهزة المجتمعية الأخرى آلياتها وأدواتها حتى تستطيع مواكبة التحولات السريعة، ومواجهة الصدمات الثقافية والسلوكية التي لا تكاد تفيق الأجيال اليافعة من إحداها حتى تتلقى العديد الجديد منها.

وحتى هذه اللحظة تبدو المؤسسة الأمنية، ووزارة الداخلية خصوصاً، هي الحامل الأكبر لكل هذه الأعباء الاجتماعية والتربوية، بينما تقف سائر المؤسسات الأخرى ذات العلاقة المباشرة بالشأن الاجتماعي والثقافي والتربوي على مسافة بعيدة من أداء هذا الدور، ملقية كل الحمل على المؤسسة الأمنية وأجهزتها. ومهما حاولت وزارة الداخلية ومؤسساتها حمل المزيد من الأعباء غير الأمنية لضمان سلامة المجتمع، فإنها لن تستطيع أن تغادر دورها الرئيس، وهو حفظ الأمن، والتفرغ لتحمل مسؤولية غيرها من الوزارات والجهات.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة