من المجالس
رمضان هذه السنة سيكون مختلفاً عن سابقيه في السنوات الماضية، في ما يتعلق بالأسعار وكيد التجار. فوزارة الاقتصاد بدأت الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم من دون هزات في الأسواق تحدثها زلازل الموردين، ويرفع عدد ضحاياها تدافع الصائمين الجائعين إلى الأسواق والجمعيات أكثر من تدافع جوعى ومنكوبي مناطق الجفاف الإفريقية على مراكز توزيع المساعدات.
تقول وزارة الاقتصاد إنها متفائلة باستقرار الأسعار خلال شهر رمضان لأنها احتاطت للأمر بشكل مبكر، ورفضت طلبات موردين لرفع الأسعار، وبالتالي فإنها لا تتوقع تسجيل مخالفات كثيرة في هذا الملف. ولو صدقت توقعات الوزارة، وتحقق الاستقرار الذي تنشده وينشده الناس لأسعار السلع والبضائع، وخصوصاً المواد الغذائية، فسيكون ذلك إنجازاً يحسب للوزارة، بحيث يتحقق هذا العام ما عجزت كل الجهود غير الجادة والحازمة، التي بذلت خلال السنوات الماضية. ولو تحقق للوزارة إثبات أن «رمضان السنة غير» فإن ذلك مدعاة لدعم موقف الوزارة، ومن خلفها الحكومة، في فرض المصلحة العامة على السوق من دون أي تعدٍ على مصالح أهل السوق وقوانين وتقاليد السوق، في سائر أيام وشهور السنة وليس في رمضان فقط.
الأسعار الحالية، وقبل دخول شهر رمضان بأيام قليلة، تؤكد إلى حد كبير ان الأوضاع تسير وفق وعود وزارة الاقتصاد. ولكن هذا لا ينفي وجود تملص هنا وتهرب هناك من بعض التجار ومنافذ البيع لإحداث زيادات في بعض السلع والبضائع. وهذه التحايلات المتفرقة يمكن أن تشتد لتحدث ارتفاعاً أوسع في الأسعار لو تم إغفالها. ومسوح السوق تؤكد وجود تفاوت واضح في أسعار اللحوم والخضراوات بين منافذ البيع الكبرى كالجمعيات ومحال الهايبرماركت وبين محال أسواق اللحوم والخضراوات. رمضان السنة «غير» بالنسبة للتجار، ونرجو أن يكون «غير» بالنسبة للناس المكتوين بجمر الغلاء. فلا يصيحون من ارتفاع الأسعار ويتسابقون إلى الأسواق في حالة سعار. فجهود السلطات مهمة ومركزية، ولكنها قد تنهار أو تضعف لو اتسعت ثغرة العرض والطلب بسبب تدافع الناس إلى الأسواق وكأن الحرب قد قامت.