أهلاً رمضان

انقضى شعبان، وستكون له وحشة، فهو الشهر الذي تُرفع فيه الأعمال، ونرجو أن نكون وإياكم ممّن حسن فيه عمله. ولكن لدخول رمضان فرحة تمسح أي شعور بالوحشة، فالأهمّ يتقدم على المهم، وأنوار رمضان أكثر ضياء، وأجر التطوع فيه كأجر فريضة، والفريضة فيه بسبعين فريضة في ما سواه. فهو شهر النور والحبور والانشراح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

هلّ هلال شهر رمضان، ويا حظ من تسلّم رمضان وسلّمه مقبولاً مأجوراً.

يا حظ من تسلم الشهر بروح مستبشرة، ونفس خاشعة، ولسان بالذكر لاهجاً، وعيون على القرآن ساهرة. فرمضان عند المبشرين بباب الريّان محبوب مطلوب ولو طال السنة كلها واختزل الشهور جميعها، وهو عند آخرين ثقيل الوطأة، قدومه غمّ وفراقه عيد، وكل يعمل على شاكلته، ويفكر بطريقته، ويتعامل مع رمضان ومعاني رمضان وأيام رمضان وليالي رمضان حسب ما تملي عليه نيّاته وتزين له قناعاته.

جاء رمضان ليكسر رتابة تداول الشهور وتعاقب الأيام، ويقدم أنموذجه الخاص في الحياة، وفي ممارسة شعائر الدين. أنموذج خاص في العلاقات بين الناس وخالقهم، وبين الناس في ما بينهم، وبين الناس وأنفسهم. فمع دخول رمضان ينتهي فصل من فصول حياة المسلم، ويبدأ فصل جديد. مرحلة تلحق أخرى لتنشط الخلايا، وتعيد هيكلة الأجساد، وتحيي النفوس، وتنعش الأرواح، وتقارب بين القلوب، وتقرّب من في الأرض إلى من في السماء.

مرحلة تعيد ترتيب الأولويات، وتفرض المراجعة، وتحصي النتائج، فيكون رمضان شهر دين ودنيا. دين الصفاء والنقاء والنفوس المتسامحة، لا دين التيبس والتجهم والتأفف والتبلّد والغلو. ودنيا التسامح والإعمار والإحياء والبناء والسمو وصناعة الفضيلة، لا دنيا الغفلة والهدم والخلط وصناعة الفجور.

جاء رمضان لينفض غبار الروتين، ويمسح قتامة الهموم، مردداً: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. فكل رمضان والخير يملأ قلوبكم ودياركم، ويبارك لكم في صيامكم وقيامكم، إنه قريب مجيب.

adel.m.alrashed@gmail.com

 

الأكثر مشاركة