ساعات دوام «الصائمين» وغيرهم

تقليص ساعات الدوامات الرسمية خلال أيام رمضان، من ثماني ساعات إلى خمس، يهدف إلى التخفيف عن الصائمين، هذا هو السبب المنطقي، ومن لديه سبب آخر غير ذلك فليقنعنا به.

لكن ومع ذلك فإن التخفيض يشمل الجميع «صائمين ومفطرين»، مسلمين وغير مسلمين، ولا خلاف على ذلك أبداً، فمن الصعب تنظيمياً وإدارياً إيجاد دوام مختلف وبساعات مختلفة لكل فئة، ومن الصعب جداً إيجاد دوامين منفصلين في كل قسم ودائرة للصائمين وغير الصائمين.

نتفهم ذلك جيداً، ولا نريد تمييز أحد على أحد، ولكن شريطة ألا يتغير الهدف الرئيس من تغيير الدوامات إلى عكسه تماماً، فكما أشرت، في البداية، فإن الهدف من تعديل المواعيد هو التخفيف عن الصائمين، الا أن بعض الدوائر فهمت العكس تماماً، فاتجهت إلى التخفيف عن غير الصائمين، وأصبحت ساعات رمضان برداً وسلاماً عليهم، بل وأكثر من ذلك!

كيف حدث ذلك؟ لا أحد يعرف، لكنه حدث في دوائر عديدة ومواقع عديدة، حيث تم اعتماد الساعات الخمس دواماً رسمياً للموظفين جميعاً، وهذا كما ذكرت مقبول ولا خلاف عليه، لكن هناك ساعات للراحة أو «بريك تايم» من ضمن هذه الساعات الخمس تم تخصيصها لغير الصائمين في بعض مواقع العمل كالمستشفيات وغيرها، حتى يستطيعوا تناول وجبة الغداء، فأصبحوا عملياً يعملون ساعات أقل من الموظفين الصائمين الذين يعملون معهم في القسم نفسه أو الدائرة نفسها، ويؤدون ذات المهام، ويفترض أنهم الهدف الأساس والرئيس من عملية تعديل وتخفيف ساعات العمل لأنهم .. «صيّام»!

هذا ليس كل شيء، وهناك أكثر من ذلك، حيث إن بعض الدوائر تتصرف بشكل يثير الاستغراب، والاستياء أيضاً، ففي بعض الأقسام التي تحتم عليها ظروف المهنة أن تبقى طوال الـ24 ساعة لتقديم خدماتها، يتم احتساب ساعات عمل إضافية لأولئك الذين يعملون ساعات زيادة على الخمس ساعات في رمضان، بينما هم في الأساس يعملون ثماني ساعات في الأيام العادية، وهم عملياً لا تربطهم برمضان أية علاقة، فأيامه وأيام غيره من الشهور عندهم لا تختلف كثيراً!

هل يعقل ذلك؟ ساعات مخففة، ومن ثم بدل مالي إضافي عن كل ساعة، وخسائر إضافية تتكبدها ميزانية الدوائر المحلية، لموظفين من درجات مختلفة، لماذا كل هذا وهم ليسوا من الصائمين ولا علاقة لهم برمضان!

لا نمانع من المساواة في أوقات وساعات الدوام الرسمي، ولا خلاف على توحيد ساعات العمل للصائمين وغيرهم، مع أن الأولوية يجب أن تكون لراحة الصائمين والتخفيف عنهم، لكن أليس من الغريب أن يحصل غير الصائم على راحة أكبر في ساعات دوامه، ويحصل على مقابل مالي إضافي نظير تأدية عمله المعتاد؟ هذا فعل غريب للغاية، لكنه واقع موجود.. وللأسف!

reyami@emaratalyoum.com