جمعيات مخالفة وعقوبات رادعة!
ثقتنا كبيرة جداً بالجمعيات التعاونية، ومع أنها لاتقدم أسعاراً مختلفة بشكل ملحوظ مقارنة بمنافسيها، إلا أنها محط إقبال الآلاف المؤلفة من الزبائن، خصوصاً المواطنين، ربما لأنهم مالكو أسهم فيها، وربما لأنهم يشعرون بالاطمئنان الذي يفتقدونه عند التسوق في أماكن أخرى، وربما كان مستويا النظافة والجودة هما السبب.
وأياً كان سبب التهافت والإقبال على الجمعيات، فإن ذلك يكفي لجعل إداراتها المختلفة أكثر حرصاً على صحة المواطنين وأبنائهم، وأكثر اهتماماً بالتقيد بأعلى معايير السلامة والصحة العالمية، وأشد تطبيقاً للإجراءات والاشتراطات الصحية كافة.
لا يعني ذلك أن الوضع الحالي سيئ برمته، لا يمكننا أن نقول ذلك، ولكن هناك جمعيات، وعددها محدود جداً، تضع الشروط الصحية في نهاية سلم أولوياتها، ومن خلال جولة سريعة فيها، تمكن ملاحظة عدم اهتمام العاملين فيها بنظافتهم، ربما تكون التفاصيل دقيقة، لكنها تُعطي مؤشراً واضحاً إلى عدم الاهتمام، فالعامل الذي يتعامل مع اللحوم والوجبات الغذائية من دون أن يرتدي قفازات صحية، يجعلك أقل حماساً للشراء منه، والمكان المخصص لبيع المواد الغذائية المعروضة إن كانت تنقصه النظافة الفائقة، فإن ذلك يفتح مجالاً للأسئلة المتعلقة بمستوى نظافة المخازن والأماكن غير المرئية!
وبطبيعة الحال، افتقار جمعية تعاونية ضخمة لمستوى صحي عالٍ، يفتح المجال للتساؤل حول مدى سريان القوانين «المشددة» التي تفرضها البلدية على المنشآت الغذائية، أم أن مسألة تشديد وتخفيف القوانين تختلف من موقع إلى آخر، حسب «حجم» الجمعية أو إدارتها؟!
ليس ذلك «تلميحاً»، بل يمكن اعتباره «تصريحاً»، وللأسف، موثوقاً جداً من موظف مطلع، قريب جداً من المخازن والكواليس والخبايا التي لايعرفها جميع المستهلكين، وبالتأكيد فإن جملة «طلب عدم ذكر اسمه» تعتبر أمراً منطقياً هنا، ولا يمكنني البوح بذلك، لأن المهم في الأمر ليس الاسم، إنما معلومات صاحب الاسم، الذي لم يكتف بالكلام الشفهي المعرّض للتصديق أو التكذيب، بل «وثّق» معلوماته بأمور لا تدع مجالاً للشك في صدقه، أما المعلومة فهي «وجود جمعيات شهيرة، كبيرة بطبيعة الحال، بحجمها وحجم مسؤوليها، تتهاون، بل تخالف الاشتراطات الصحية المفروضة من قبل البلدية». والمخالفات «المكتشفة» ليست سطحية أو هامشية، بل جسيمة وربما تصل إلى الخطيرة، منها على سبيل المثال بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية مثل معجون الطماطم، وزيت الزيتون، وعبوات «المخلل»، ألا يشكل ذلك ضرراً بالغاً على الصحة العامة؟
وكما أشرت سابقاً، فإن واجهة الجمعية، وأقصد بها صالة العرض الواسعة، إن كانت تعاني نقصاً في النظافة فكيف حال المستودعات؟ أتريدون معرفة ما يجري فيها؟ تم اكتشاف وجود آثار فئران بالمستودعات الجافة، مع وجود فتحات عديدة تسمح بتسلل عدد غير محدود ولا معدود من الحشرات والقوارض، ولا وجود لما يسمى عملية «التهوية»!
عموما البلدية كانت لهم بالمرصاد، فتمت مخالفة تلك الجمعية وفرض غرامات مالية عليها، حيث تم تغريمها مبلغ 3000 درهم نظير وجود «270 كرتونة طماطم» ومواد غذائية أخرى منتهية الصلاحية! و400 درهم لوجود الفئران، و20 ألف درهم نظير إعادة تعبئة مواد غذائية أخرى من دون تصريح!
لاشك أنها عقوبات رادعة، ستجعل القائمين على الجمعية يعضون أصابع الندم، خصوصاً أن أرباحهم تتجاوز عشرات الملايين من الدراهم!