عمّان عاصمة للقصّة العربيّة
وأخيراً عاشت القصة القصيرة العربية مجد حضورها في العاصمة الاردنية «عمّان» وذلك من خلال ملتقى القصة القصيرة الذي نظمته الدائرة الثقافية لأمانة عمّان بحضور العديد من الرموز الثقافية العربية والعديد من كتاب القصة القصيرة العربية ايضاً، إضافة الى باحثين وكتاب قصة أردنيين.
وإذا كانت العاصمة الاردنية قد نظمت في العام الماضي وعن طريق جمعية النقاد الاردنيين ملتقى للقصة القصيرة وتمت من خلاله عملية تكفين لفن القصة القصيرة عبر بعض الاصوات النقدية العربية التي طالبت، ويا للعجب، القصة القصيرة بالتوقف عن البث من قناتها الابداعية والالتحاق بالرواية على اعتبار أن الرواية هي ديوان العصر، فإن هذا الملتقى الذي اقيم أخيراً عبر عن حالة خندقة لكتّاب القصة الاردنيين والعرب في الدفاع عن هذا الفن الجميل والعمل على تأصيله وتطويره. ومع ذلك حاول بعض المحاور البحثية التقدم بالاسئلة الشائكة حول القصة القصيرة ومستقبلها الفني المتعثر في زمن ثقافة الصورة ومواقع الانترنت والفضائيات والتقارير الاخبارية والمدونات، وقد غاب عن هؤلاء أن القصة القصيرة حالها حال معظم القنوات الابداعية من شعر ورواية إزاء أزمة مناطحتها زمن الصورة التي صارت قادرة على اختصار المشهد الفني الابداعي بالصورة الذاهبة في استطالة الخبر العاجل بخطه الاحمر القادر على أسر المشاهد.
وفي بعض الابحاث بدت القصة كأنها قناة ابداعية مصابة بالعرج والتأزم وهي تواجه كل هذه التطورات التكنولوجية الى الدرجة التي صاحت فيها القاصة الفلسطينية بالحضور قائلة «لماذا تصرون على تكفين القصة القصيرة» داعية الكتاب إلى الاصرار على التواصل مع القصة والعمل على تطويرها، الى ذلك اخذت تتوالى الابحاث القيمة التي كانت تسأل عن مستقبل القصة القصيرة والابحاث التي تتحدث عن التابو العربي في القصة القصيرة وفي الادب العربي عموماً، وقد أكد بعض هذه الابحاث أن العربي في تاريخه الادبي والابداعي عاش فترات كان فيها الادب عموماً يعلو على فكرة التابو ويمحقها، موضحة أن سلطة الرقابة في معظم الدول العربية هي التي أخذت تفرض التابو الديني والسياسي والجنسي على الكاتب العربي، لقد كشف ملتقى عمان للقصة القصيرة العربية من خلال الابحاث والقصص العربية والاردنية التي قرأت عن عافية حقيقية تتمتع بها القصة القصيرة كما كشف الملتقى من خلال تفريعاته البحثية عن أزمة تعيشها الكتابة عموماً على صعيد الشعر والرواية والمسرح بسبب تفشي وهيمنة ثقافة الصورة. لقد ألقى الملتقى من خلال ابحاثه الضوء على التجربة الخاصة برواد القصة القصيرة في الوطن العربي امثال يحيى حقي وروح يوسف ادريس وروح نجيب محفوظ وقامة زكريا تامر وأعاد إليهم حضورهم الجميل في تجربة القص العربي، كما أكدت بعض الابحاث على أن معظم الروائيين العرب ابتدأوا تجربتهم الكتابية من خلال القصة القصيرة، وقد أدى هذا الكشف عن نفي فكرة أن القصة القصيرة هي المرحلة التدريبية الأولى لكتابة الرواية.
لقد أكد الملتقى الاول للقصة القصيرة والملتقى الثاني، أن عمّان هي من أكثر العواصم العربية التي تضم بين جوانحها العديد من كتاب القصة القصيرة بنسبة عالية إذا ما قيست بعدد الشعراء وكتاب الرواية فيها، وبهذا يصح القول إن عمّان عاصمة القصة العربية بامتياز.