من المجالس
بدأ العديد من أولياء الأمور التجول بين المدارس الخاصة بحثاً لأبنائهم وبناتهم عن مقاعد في الصف الثاني عشر. فالمقولة الشائعة بين الكثير من الناس الآن: ابحث لابنك أو ابنتك عن «نسبة» ولو كانت في مدرسة «كارافان».
وطالما أن المدارس الحكومية لاتزال تتخبط في تجاربها التي تستقدمها من الشرق والغرب، وتشكل ضغوطاً هائلة على الطلاب وأولياء الأمور، وتتوه في معايير أكاديمية وما هي بأكاديمية ولوائح تنظيمية، وهي عن التنظيم بعيدة، فإن العديد من المدارس الخاصة، ومنها أسماء كبرى، قد حسمت موقفها مبكراً، وقررت ألا يكون بين خريجيها من تقل نسبته عن 80٪! وهذه نسبة كفيلة بدخول الطالب والطالبة أي جامعة، وربما الحصول على بعثة دراسية لأي جهة في العالم. أما الخواص من الناس، وقد أصبحوا كثراً، فإن التسعينات من مستواهم ومستوى أبنائهم ولو كانوا من أصحاب النفوس الضيقة مع الدراسة، والعقول العصية على الاستيعاب.
أولياء الأمور هؤلاء يعلمون أن أبناءهم وبناتهم لا يستحقون هذا التمييز، ولكنهم يلقون باللائمة على طبيعة النظام الذي يجعل من الثانوية العامة مفترق طرق مصيرياً بالنسبة للطالب، ويضع النسبة المئوية سيفاً مسلطاً على رؤوس الطلاب، ويتجاهل الظروف المحيطة والإمكانات والقدرات الخاصة للطالب، التي قد تتبخر بحكم لا استئناف ولا طعن فيه من كنترول الامتحانات.
المسألة تتكرر في كل سنة. فالمدارس الحكومية متمسكة بمعاييرها، وتزيد عليها بمفاجآت جديدة كالتي حدثت في امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي الماضي. والمدارس الخاصة لاتزال تمتلك ناصية التحكم في النسب والمجاميع. وبالإضافة إلى ما يقع بسبب هذه الحال من مظالم للكثير من الطلاب، فإنه يجعل من الاستسهال والغش ثقافة مشروعة لدى الآباء قبل الأبناء تحت طائلة «من له حيلة فليحتل».
ولنا أن نتخيل ما يمكن أن تنتهي إليه ثقافة الاحتيال في ما بعد المرحلة الدراسية.