مخالفات «المواقف»!
لفت نظري مفتش مواقف تابع لهيئة الطرق والمواصلات العامة، وهو ممسك بجهاز آلي ومنهمك في تحرير مخالفات مرورية لعدد من السيارات اصطفت وقوفاً في ساحة رملية، تبعد عن الطريق مسافة ليست بقليلة.
طرحت على نفسي سؤالين، الأول عن نوع المخالفة التي يمكن أن يحررها مفتش الطرق لسائق أوقف سيارته بعيداً عن أي طريق يتبع الهيئة، وغير مشمول بأي جهاز للدفع الآلي، والسؤال الثاني عن التداخل الواضح في صلاحيات المفتشين ورجال الشرطة، فإن كان السائقون مخالفين في أماكن بعيدة عن طرق الهيئة، فإن المنطق يقول إن صلاحياتهم أصبحت معدومة، والاختصاص أصبح من حق رجال الشرطة، وبالتالي لا يحق لمفتش طرق أن يحرر مخالفة من نوع ممنوع الوقوف، أو عرقلة حركة السير، أو حتى الوقوف على الرصيف في أماكن لا تخضع للرسوم، والمفترض أن يمتلك المفتش حق مخالفة السيارات المستخدمة لمواقف الهيئة، من دون أن تدفع الرسوم المخصصة، أو أنها تجاوزت الموعد المخصص للتذكرة.
هذا ما يفترض، لكن الواقع غير ذلك، فالمفتشون يعطون لأنفسهم الحق في تحرير مخالفات عديدة، يتداخل معظمها مع صلاحيات رجال الشرطة، البعض منهم يفعل ذلك متعمداً، لأنه في نهاية اليوم يحصل على نسبة معينة نظير تسجيل مخالفات معينة، والبعض يجهل القوانين والصلاحيات المقررة له، والبعض الآخر يحكّم «مزاجه» لا أكثر ولا أقل!
عموماً، عدم الوعي بالقوانين ليس صفة دائمة في مفتشي «الطرق» فقط، لكنه موجود أيضاً لدى بعض «أفراد» الشرطة، وأضع «أفراد» بين قوسين، لأن معظم مديري المراكز في الشرطة يعون تماماً القوانين، وهم من حملة المؤهلات القانونية العليا، وبالتالي عندما يُرفع أي خلاف مروري إلى المراكز أو المسؤولين في الشرطة، أو في نيابة السير والمرور، فإنهم دائماً يتخذون القرار الصحيح، بغض النظر عن قرار شرطي المرور الذي حرر المخالفة.
أذكر تحديداً في إحدى المرات أن شرطياً نزل من دورية الشرطة وأخذ يسجل المخالفات الغيابية لعشرات السيارات في مواقف «خاصة»، تابعة لبنك تجاري. هؤلاء الأشخاص هم عملاء للبنك، يقفون مدة لا تتعدى الدقائق لتخليص معاملة أو سحب مبالغ سريعاً، وبمجرد خروجهم يفاجأون بمخالفة «عرقلة حركة السير». أحدهم اعترض على المخالفة وتساءل عن صلاحية الشرطي في مخالفة السيارات في مواقف خاصة لعملاء البنك، ولا دخل للبلدية أو «هيئة الطرق» في تشييدها، كما لاتملك الشرطة أن تدخلها أيضاً من دون طلب من صاحب العلاقة وهو البنك التجاري، لكن شرطي المروري أصرّ على إعطائه المخالفة قائلاً له: «بإمكانك الاعتراض لدى نيابة المرور».
وهذا ما كان، اعترض الرجل لدى نيابة السير والمرور، وبعد أن راجع المسؤولون في النيابة موقع المخالفة وتأكدوا من أنها ملك خاص للبنك، ألغوا المخالفة، لكن السؤال هنا، إن كان هذا السائق الواعي قد اعترض على المخالفة وتم إلغاؤها من الواعين بالقانون، فما ذنب العشرات الذين تمت مخالفتهم من دون أن يدركوا أن لهم حق الاعتراض؟!