أرقام «بين كود» للبيع!
ليس غريباً أن تتحول أرقام الـ«بين كود» المميزة لهواتف الـ«بلاك بيري» إلى سوق رائجة، لها كثير من الزبائن الذين يتهافتون عليها، فنحن البلد الوحيد في العالم الذي تُباع فيه الأرقام وتُشترى، ولكن الغريب حقاً أن تراوح أسعار هذه الأرقام «المميزة» في هذه التجارة الجديدة بين 10 و20 ألف درهم، وربما تكون هناك أسعار أعلى، لست متأكداً من ذلك، ولكني على الأقل متأكد من الأسعار التي ذكرتها، فهذه قائمة موزعة ومنتشرة بين هواة الـ«بلاك بيري»!
لقد تحول هذا الجهاز فجأة ليصبح اليوم علامة تميز كل مواطن إماراتي، فإذا أردت أن تتعرف إلى العائلة الإماراتية، خصوصاً خارج الدولة، فانظر إلى أيدي بنات أو شباب العائلة ممن هم دون الـ،20 فإن وجدت أيديهم خالية من هذا النوع من الهواتف فتأكد تماماً أنها ليست من الإمارات، والعكس بالتأكيد صحيح جداً!
وحتى إن «بلعناها» عند الكبار، على اعتبار أن هذا الهاتف مميز جداً، وله من المواصفات ما يجعله ضرورة لرجال الأعمال، وبعض المهن التي تحتاج إلى تواصل مستمر عبر «الإيميل»، فكيف يمكن أن نفسر وجوده عند الأطفال والصغار من الأولاد والبنات؟ مع العلم أنني لا أذكر أني شاهدت أوروبياً واحداً في مختلف المدن الأوروبية، ناضجاً كان أو مراهقاً، ذكراً كان أو أنثى، يحمل في يديه «بلاك بيري»!
انتشار الـ«بلاك بيري» عند المراهقين والمراهقات، ليس لأنه هاتف، فالهواتف كثيرة ولا حصر لها، وليس لأنه مرتبط بالإنترنت، كما إن السبب ليس في شكله أو حجمه أو لون «كَفَره»، سبب وحيد هو الذي جعل هذا النوع من الهواتف يتصدر المبيعات وينتشر بين أهل الإمارات شباباً وشيباً، هذا السبب هو «الماسنجر» الذي يجعل الجميع في «شاتنغ» مستمر مع بعض، فنحن شعب اجتماعي متواصل مع بعضه ليل نهار، ولكن عبر الـ«بلاك بيري». أليس ذلك شكلاً من أشكال التطور!
لا خلاف على ذلك، ولا أحد ضد التطور، والتواصل الاجتماعي عبر شبكة الـ«بلاك بيري» أفضل من عدمه، ولكن لماذا نقحم المبالغة دائماً في أفعالنا؟ ولماذا نكرّس دائماً صورة «المسرفين» الذين لا أهمية للمال في حياتهم، فنتهافت على شراء رقم هاتف بعشرات الآلاف من الدراهم؟!
الأرقام المنتشرة فعلاً مميزة ومتشابهة، فهل سأل أحدنا نفسه كيف حدث ذلك، مع أن أرقام تعريف جهاز الهاتف عادة ما تكون طويلة وغير متشابهة ومختلطة بالحروف والأرقام. لقد أرسلت الشركة المصنّعة لجهاز الـ«بلاك بيري» مندوبين لها قضوا أياماً طويلة في نقاط البيع المختلفة، يراقبون ويطرحون الأسئلة على كل من يشتري هذا الجهاز لمعرفة احتياجات أهل الإمارات، ففوجئت الشركة بأن الناس هنا لا يسألون عن مواصفات الجهاز ولا برامجه، ولا تهمهم مميزاته ولا حجم ذاكرته، بل إن أهم أولويات معظم المشترين يتمركز حول سهولة الرقم التعريفي، فمعظمهم لا يفتحون علبة الهاتف قبل أن يطلعوا على الـ«بين كود» المكتوب خارج العلبة!
وماذا بعد؟ ماذا بعد بيع أرقام الهواتف؟ وبيع أرقام لوحات السيارات بعشرات الملايين، والبحث عن «واسطة» لرقم جواز سفر مميز، وأخيراً «بين كود» بـ 20 ألف درهم، ترى ماذا بعد؟