مناسباتنا عبء علينا
مناسباتنا أصبحت عبئاً علينا؛ عبئاً مادياً واجتماعياً ونفسياً، فالأعراس صارت تعباً ومَغرماً وقلقاً قد لا ينتهي مع انتهاء الزفة، ونجاح الأولاد صارت له عواقب وعليه التزامات، وزيارات التواصل الاجتماعي دخلت عليها طقوس جعلت قليلي ذات اليد يترددون في القيام بواجبها، وحتى عيادة المريض خلعت مفهوم التواصل والدعاء والرقية وصارت معارض لآخر منتجات محال الحلوى والهدايا والزهور.
أما المناسبات الدينية فقد غادرت أكثر مقاصدها الشرعية، وصارت تحمل أثقالاً من طقوس واستعدادات غلب عليها التظاهر والتفاخر وإن كسرت ظهر حاملها، فيأتي رمضان وسط استعداد الكثير من الناس عبر سوق السجاد ومحال الخياطة النسائية، ومتاجر الأواني المنزلية، ومحال الأجهزة الكهربائية. فلم نسمع من جداتنا وأمهاتنا أن لرمضان ملابس تكمل هيئته، ولا رأينا أن المطابخ تنسف ويستبدل كل ما فيها استعداداً لرمضان، ولكننا عشنا وسمعنا ورأينا كيف كانت تستعد البيوت بنفوس ساكنيها قبل جدرانها ومرافقها لاستقبال الشهر دون ضغط من نفس أمّارة بالتظاهر والتفاخر.
الآن.. مضى النصف الأول من الشهر واقترب العيد وانشقت الجيوب، وقاربت الرواتب التي صرفت قبل بداية الشهر الميلادي استعداداً للشهر الهجري الكريم على النضوب، ومع ذلك يشترك هؤلاء مع الميسورين الذين وسّع الله عليهم في مظاهر الاستعداد المكلف والمرهق ولكن كل حسب ميزانه. فقبل العيد، يصل الحال بالبعض إلى تغيير أثاث المنزل بالكامل وتحويل البيت إلى معرض لكل منتجات المطاعم، ومحال الحلوى تذهب معظم محتوياتها إلى صناديق القمامة قبل أن تنهي إجازة العيد.
في المناسبات الاجتماعية صارت كراهة المشاركة هي عنوان النفوس هروباً من الأعباء والأحمال التي لم تعد تحتملها، والخوف أن تلقى المناسبات الدينية المصير نفسه بضغط من ثقافة التباهي والمظاهر المريضة.