مواطن.. على سطح القمر

عبدالله الشويخ

عبدالله إسماعيل.. المسرحي الإماراتي الرائد، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح، عرفته زميلاً مجتهداً ذا خلق، قريباً إلى القلب، كان دائم الاتصال بي في برنامجه «البث المباشر»، وهو قليلاً ما يحرجك، فيعطيك المخرج قبل أن يسأل، ويؤكد دائماً أن هذه البرامج للحل وليست للإثارة، ولا أعلم ما العشق الغريب بين رواد المسرح والخط المباشر، ففي الشارقة كان عبدالله إسماعيل وفي دبي كان جمال مطر. ومرة أخرى أدهشني عبدالله إسماعيل عندما ذكرت وكالة أنباء الإمارات في الأسبوع الماضي خبر ذهابه لافتتاح وتشجيع الحركة المسرحية في جزر القمر، أو (القُمُر) كما يصر البعض، وكلاهما صحيح. هذه الدولة العربية التي بذل صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة مجهودات خافية لا يعلمها الكثير لكي يؤكد عروبتها ويساعد على انضمامها إلى جامعة الدول العربية تجنباً لتغيير ديموغرافيتها وهويتها، ولكي لا تتكرر فيها تجربة زنجبار درة تاج السلطنة العمانية التي سقطت في مذابح عام 1969 التي لا يعلم الكثيرون عنها أيضاً لانشغال العرب في حينه بحركات التحرر والقومية.

موقف الهيئة العربية للمسرح يجب أن يثمن ويكون أنموذجاً لكل الدوائر والمؤسسات العربية، وأنا لست معنياً بالمسرح ولا أفرق بين الستارة والكواليس ولكن ما يعنيني هو الالتفاف إلى جزر القمر التي عاث فيها المرتزقة من أمثال الجنرال الفرنسي «بوب دينار» كثيراً وستقتطع فرنسا جزءاً من جزرها بعد إجراء استفتاء قريباً أيضاً، ونحن في كثير من أنشطتنا وفعالياتنا ننسى أن نوجه إليها حتى دعوة للحضور لأن الكثيرين لا يدركون أنها دولة عربية شقيقة والأكثر ربما لم يسمعوا بها لولا قصة «الأخوة البدون» الذين تجنسوا بجنسيتها ليصلحوا من أوضاعهم القانونية.

إذا تركنا جزر القمر، كما تركنا الكثير، فغيرنا لن يتركها، فها هي إحدى الدول الإقليمية قامت بتقديم 100 منحة لطلاب جزر القمر في إحدى جامعاتها الدينية وفي مدينة تضفي عليها تلك الدولة الصفة القدسية، وبعد تخرج الـ100 انتقوا منهم أكثر من رأوا فيه تأثراً بالطرح الفكري والمذهبي لتلك الدولة، ودعموه بالمال والإعلام والجاه حتى أوصلوه إلى سدة الرئاسة وأعلى الهرم السياسي في جزر القمر وهو الآن يرد إليهم هذا الجميل بالطريقة التي يعرفها الجميع.

* * *
جاء وزير سابق في إحدى حكومات جزر القمر، لم يكن يريد تأسيس مدينة أو إنشاء قناة تلفزيونية أو بناء برلمان، كل ما كان يريده أن تتكفل إحدى الجهات الثقافية في الدولة بطباعة خمسة أعداد من أول مجلة ناطقة باللغة العربية في جزر القمر.. غادر الوزير حزيناً بعد 10 أيام، كان من الممكن أن ينتظر أكثر لعل وعسى، لكنه لم يكن يملك ما يستطيع أن يصبر به أكثر من أيامه العشرة،

وعندما سئل عما سيفعله بمشروعه، أجاب بابتسامة حزينة: سنواصل القراءة بالفرنسية!

shwaikh@eim.com

تويتر