5 دقائق

سالم حميد

أستكمل ما توقفت عنده الأسبوع الماضي، فرحلة «اليورو تريب» تضمنت تجربة مغامراتية جديدة لعبور مسافات من جزيرة غرينلاند في القطب الشمالي، توقفت قبلها في جزيرة آيسلند أو «أرض الثلج»، وفي العاصمة الآيسلندية «ريكيافيك» كانت درجة الحرارة تبلغ خمس درجات مئوية في عز فصل الصيف عندما حطت طائرة الخطوط الآيسلندية على أرض مطار «كافلافيك» الجميل والأنيق. يذكر أن هذا المطار كان في الأصل قاعدة جوية أميركية أثناء الحرب العالمية الثانية.

عندما وصلت إلى شباك الجوازات، استقبلني ضابط الجوازات بابتسامة، ثم أخذ يقلب في جواز سفري باستغراب ليسألني «من أين أنت؟!»، وعندما عجزت عن تعريفه بدولة الإمارات، قلت له من دبي، ففرح قائلاً إن هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها بأحد من بلادي، وبعد بضعة أيام من الاستمتاع بالسباحة في «البحيرة الزرقاء»، إحدى أشهر البحيرات البركانية الساخنة في أيسلندا، توجهت بطائرة من نوع «فوكر» القديمة والتي تتأرجح بكل سهولة يمنة ويسرة وفوق وتحت بفعل الرياح إلى قرية «كولوسوك» الواقعة شرق جزيرة غرينلاند، وكان مطارها متواضعاً وصغيراً للغاية ومدرجها رملياً وعدد العاملين فيها أربعة فقط من السكان الأصليين الذين يُطلق عليهم لقب «الاسكيمو»، ثم أنزلوا الحقائب ورموها على الأرض ليلتقطها المسافرون بأنفسهم! وكنت مستعداً لإبراز تأشيرة الدخول إلى غرينلاند التي استغرق مني استخراجها من القنصلية الدنماركية في دبي مدة ستة أشهر كون غرينلاند محمية دنماركية لكنها استقلت أخيراً ورسمياً كجمهورية مستقلة في 21 يونيو الماضي، ولكن تعب الستة أشهر لاستخراج التأشيرة ذهب سدى لعدم وجود أحد للتدقيق على الجوازات!

قرية «كولوسوك» صغيرة ويبلغ عدد سكانها 300 نسمة من مجمل سكان غرينلاند البالغ عددهم نحو 56 ألف نسمة، يسكنون حول ساحل الجزيرة الشرقي والغربي والجنوبي، ويتكلمون أربع لغات محلية مختلفة ولكن اللغة الرسمية هي الدنماركية، أما 80٪ من مساحة الجزيرة والتي تُعد أكبر جزيرة في العالم فيغطيها الثلج، ودخلت في الحماية الدنماركية منذ القرن الـ،18 ويعتبر قوم «الفايكنغ» من آيسلند أول الأقوام المكتشفين لغرينلاند منذ القرن الـ10 وأسسوا فيها مستوطنات حتى القرن الـ،16 وتعمد «الفايكنغ» إطلاق اسم «الأرض الخضراء» على الجزيرة لحماية بلادهم آيسلند من المتربصين بها وخداعهم بإرسالهم إلى غرينلاند بدلاً من آيسلند. مع العلم أن آيسلند بلد جميل ويكسوها اللون الأخضر بينما غرينلاند مغمورة باللون الأبيض! ويسكن الاسكيمو في «كولوسوك» في أكواخ خشبية ملونة بالأحمر أو الأصفر فقط، ويوجد بها فندق واحد ومتواضع تبلغ قيمة المبيت فيه الليلة الواحدة 150 يورو. وبعد ليلة شديدة البرودة بلغت نحو 15 درجة تحت الصفر توجهت إلى الشمال لمواجهة برودة أشد بصحبة اثنين من المغامرين الآيسلنديين العمالقة، كنتُ أبدو قزماً عندما اقف بينهم، واستخدمنا في الرحلة أرجلنا وزورقاً بحرياً وزلاجة تجرها الكلاب.

جميل أن يكون للسفر جنون بعض الأحيان!

salemhumaid.blogspot.com

تويتر