عاد المعتمرون ولم يجلبوا العدوى
شدّ المعتمرون رحالهم إلى الديار المقدسة في رمضان تلاحقهم نظرات استنكار هنا، ونصائح بالتراجع هناك. ولكن الركاب مضت في طريقها وحطّت رحالها في البلد الحرام، فطاف الناس وسعوا وصلّوا وقاموا، ومنهم من أكمل الشهر حتى «ليلة الختمة»، ومنهم من تعجّل، ثم عادوا ليواجهوا الأسئلة ذاتها.. كيف الحال وكيف كان الوضع في زحام المكان، وزحمة الحديث عن أنفلونزا الخنازير؟
وفي الحقيقة كان الوضع، بحسب المعايشة وحسب إحصاءات السلطات الصحية السعودية، لافتاً للنظر، فالإحصاءات المعلنة أكدّت أن عدد الحالات المصابة بالمرض التي تم تسجيلها طوال شهر رمضان في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة لم يتجاوز 350 حالة. وإذا وزعنا هذا الرقم على أكثر من مليوني زائر توزعوا بين المدينتين سنرى ضآلة نسبة الإصابات مقارنة بمثيلاتها في مدينة صغيرة خالية من التجمعات البشرية الهائلة في إحدى الدول المبتلاة بالمرض.
وأما المعايشة فقد سجلت انخفاضاً ملحوظاً في عدد حالات العطس والكحة التي تعوّد زوار الحرمين ملاحظتها والوقوع في براثن عدواها في مواسم الحج وعمرة رمضان. أما تفسير ذلك والوقوف على سببه فلا دليل عليه سوى أن بعض الناس أعاده إلى زيادة حذر الزوّار وأخذهم الحيطة خوفاً من زكام الخنازير، وآخرون ربطوه بحرارة الطقس التي لا تسمح بتنشيط الفيروس، وأما «أهل اليقين» فما وجدوا غير العناية الإلهية التي اختصت تلك الديار وحصنتها على امتداد الزمن من الكوارث والطواعين.
وعلى أي حال، فقد مضى شهر رمضان، وامتلأ الحرمان الشريفان بالزائرين والمصلين، وعاد أهل الأمصار إلى أوطانهم، ولم نسمع أو نرى ما يبرر نظرية «فوبيا الخنازير» التي أصبحت تقض مضاجع البعض بسبب ومن دون سبب.